وقرأ مجاهد والنَّخَعي والكلَبْي ﴿ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ ﴾ بالتخفيف، والمعنى واحد.
وقيل : المراد بقوله ﴿ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ ﴾ بعض المؤمنين ؛ لأن الله خاطبهم بقوله :﴿ وَإِنَّ مِنْكُمْ ﴾ وقد فرَق الله تعالى بين المؤمنين والمنافقين بقوله ﴿ وَمَا هُم مِّنكُمْ ﴾ [ التوبة : ٥٦ ] وهذا يأباه مسَاق الكلام وظاهره.
وإنما جمع بينهم في الخطاب من جهة الجنس والنسب كما بيّنا لا من جهة الإيمان.
هذا قول الجمهور وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
يدلّ عليه قوله :﴿ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ ﴾ أي قَتْلٌ وهزيمة ﴿ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ الله عَلَيَّ ﴾ يعني بالقعود، وهذا لا يصدر إلا من منافق ؛ لا سيّما في ذلك الزمان الكريم، بعيد أن يقوله مؤمن.
ويَنْظُر إلى هذه الآية ما رواه الأئمة عن أبي هريرة " عن النبي ﷺ إخبارا عن المنافقين :"إن أثقل صلاة عليهم صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأَتوْهُما ولو حَبْواً" " الحديثَ.
في رواية " ولو علم أحدهم أنه يجد عظما سَمينا لشهدها " يعني صلاة العشاء.
يقول : لو لاح شيء من الدنيا يأخذونه وكانوا على يقين منه لبادروا إليه.
وهو معنى قوله :﴿ وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله ﴾ أي غنيمة وفتح ﴿ لَيَقُولَنَّ ﴾ هذا المنافق قول نادم حاسد ﴿ ياليتني كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٢٧٥ ـ ٢٧٦﴾.
فائدة
قال البغوى :
وإنما قال ﴿ مِنْكُم ﴾ لاجتماعهم مع أهل الإيمان في الجنسية والنسبِ وإظهارِ الإسلام، لا في حقيقة الإيمان. أ هـ ﴿تفسير البغوى حـ ٢ صـ ٢٤٨﴾


الصفحة التالية