ثم قال :﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الله﴾ في شأنهم، فإن الله يكفيك شرهم وينتقم منهم ﴿وكفى بالله وَكِيلاً﴾ لمن توكل عليه.
قال المفسرون : كان الأمر بالإعراض عن المنافقين في ابتداء الإسلام، ثم نسخ ذلك بقوله :﴿جاهد الكفار والمنافقين﴾ [ التوبة : ٧٣، التحريم : ٩ ] وهذا الكلام فيه نظر، لأن الأمر بالصفح مطلق فلا يفيد إلا المرة الواحدة، فورود الأمر بعد ذلك بالجهاد لا يكون ناسخا له. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٥٦﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ فأعرض عنهم ﴾ أمر بعدم الاكتراث بهم، وأنّهم لا يُخشى خلافهم، وأنّه يتوكلّ على الله ﴿ وكفى بالله وكيلاً ﴾ أي مُتوكَّلاً عليه، ولا يَتوكّل على طاعة هؤلاء ولا يحزنه خلافهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١٩٩﴾
وقال ابن عطية :
أمر الله تعالى بالتوكل عليه والتمسك بعروته الوثقى ثقة بإنجاز وعده في النصر، و" الوكيل " القائم بالأمور المصلح لما يخاف من فسادها، وليس ما غلب الاستعمال في الوكيل في عصرنا بأصل في كلام العرب، وهي لفظة رفيعة وضعها الاستعمال العامي، كالعريف والنقيب وغيره. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ٨٣﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
في رفع " طاعة " : وجهان :
أحدهما : أنه خبرُ مُبْتَدأ مضمَرٍ، تقديره :" أمر طاعة " ولا يجُوز إظهارُ هذا المُبْتَدأ ؛ لأن الخَبَر مَصْدَر بدلٌ من اللَّفْظِ بفعله.
والثاني : أنه مُبْتَدأ والخَبَر مَحْذُوف، أي : مِنَّا طَاعَة، أو : عَنْدنا طَاعَةٌ، قال مكي :" ويجُوز في الكَكَم النَّصْبُ على المَصْدَر ".
قوله :" فإذا برزوا " [ وأخْرِجُوا ]، من عندك بيت طائِفَةٌ مِنْهُم غير الَّذي تَقُولُ.


الصفحة التالية
Icon