قال القاضي أبو محمد رحمه الله : فإما أن يكون ذلك في أمر السرايا فإنهم كانوا يسمعون أقوال المنافقين فيقولونها مع من قالها، ويذيعونها مع من أذاعها، وهم غير متثبتين في صحتها، وهذا هو الدال على قلة تجربتهم، وإما أن يكون ذلك في سائر الأمور الواقعة، كالذي قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إنه جاء وقوم في المسجد يقولون طلق رسول الله ﷺ نساءه، قال : فدخلت على عائشة فقلت : يابنة أبي بكر بلغ من أمرك أن تؤذي رسول الله ﷺ ؟ فقالت : يابن الخطاب عليك بعيبتك، قال : فدخلت على حفصة فقلت : يا حفصة قد علمت أن رسول الله ﷺ لم يكن يحبك ولولا أنا لطلقك فجعلت تبكي قال فخرجت حتى جئت رسول الله ﷺ وهو في غرفة له، ورباح مولاه جالس على أسكفة الغرفة، فقلت : يا رباح استأذن لي على رسول الله، فنظر إلى الغرفة ثم نظر إليَّ وسكت، فقلت : يا رباح استأذن لي على رسول الله فلعله يظن أني جئت من أجل حفصة، والله لو أمرني أن أضرب عنقها لضربته، فنظر ثم أشار إليَّ بيده : أن ادخل، فدخلت وإذا رسول الله ﷺ مضطجع على حصير وقد أثر في جنبه، وإذا ليس في غرفته.
وهذا التأويل جار مع قول عمر، أنا استنبطته ببحثي وسؤالي، وتحتمل الآية أن يكون المعنى لعلمه المسؤولون المستنبطون، فأخبروا بعلمهم أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ٨٤ ـ ٨٥﴾
قوله تعالى ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرسول وإلى أُوْلِى الأمر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾
فصل
قال الفخر :
في ﴿أُوْلِى الأمر﴾ قولان :
أحدهما : إلى ذوي العلم والرأي منهم.