القول الثاني : أنهم طائفة من أولي الأمر، والتقدير : ولو أن المنافقين ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر لكان علمه حاصلا عند من يستنبط هذه الوقائع من أولي الأمر، وذلك لأن أولي الأمر فريقان، بعضهم من يكون مستنبطا، وبعضهم من لا يكون كذلك، فقوله :﴿مِنْهُمْ﴾ يعني لعلمه الذين يستنبطون المخفيات من طوائف أولي الأمر.
فإن قيل : إذا كان الذين أمرهم الله برد هذه الأخبار إلى الرسول وإلى أولي الأمر هم المنافقون، فكيف جعل أولي الأمر منهم في قوله :﴿وإلى أُوْلِى الأمر مِنْهُمْ ﴾.
قلنا : إنما جعل أولي الأمر منهم على حسب الظاهر، لأن المنافقين يظهرون من أنفسهم أنهم يؤمنون، ونظيره قوله تعالى :﴿وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطّئَنَّ﴾ [ النساء : ٧٢ ] وقوله :﴿مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مّنْهُمْ﴾ [ النساء : ٦٦ ] والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٥٩﴾
فائدة
قال السعدى :
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه، هل هو مصلحة، فيُقْدِم عليه الإنسان ؟ أم لا فيحجم عنه ؟. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ١٩٠﴾


الصفحة التالية
Icon