فصل


قال الفخر :
الكف المنع، والبأس أصله المكروه، يقال ما عليك من هذا الأمر بأس أي مكروه، ويقال بئس الشيء هذا إذا وصف بالرداءة، وقوله :﴿بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾ [ الأعراف : ١٦٥ ] أي مكروه، والعذاب قد يسمى بأسا لكونه مكروها، قال تعالى :﴿فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ الله﴾ [ غافر : ٢٩ ] ﴿فَلَمَّا أَحَسُّواْ بَأْسَنَا﴾ [ الأنبياء : ١٢ ] قال المفسرون : عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا، وقد كف بأسهم، فقد بدا لأبي سفيان وقال هذا عام مجدب وما كان معهم زاد إلا السويق، فترك الذهاب إلى محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٦٣﴾
قوله تعالى ﴿والله أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً﴾

فصل


قال الفخر :
يقال : نكلت فلانا إذا عاقبته عقوبة تنكل غيره عن ارتكاب مثله، من قولهم : نكل الرجل عن الشيء إذا جبن عنه وامتنع منه، قال تعالى :﴿فجعلناها نكالا لّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا﴾ [ البقرة : ٦٦ ] وقال في السرقة :﴿بِمَا كَسَبَا نكالا مّنَ الله﴾ [ المائدة : ٣٨ ] ويقال : نكل فلان عن اليمين إذا خافه ولم يقدم عليه.
إذا عرفت هذا فنقول : الآية دالة على أن عذاب الله وتنكيله أشد من عذاب غيره ومن تنكيله، وأقبل الوجوه في بيان هذا التفاوت أن عذاب غير الله لا يكون دائما، وعذاب الله دائم في الآخرة، وعذاب غير الله قد يخلص الله منه، وعذاب الله لا يقدر أحد على التخلص منه، وأيضاً عذاب غير الله لا يكون إلا من وجه واحد، وعذاب الله قد يصل إلى جميع الأجزاء والابعاض والروح والبدن. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٦٣﴾
وقال الآلوسى :
﴿ والله أَشَدُّ بَأْساً ﴾ من الذين كفروا ﴿ وَأَشَدُّ تَنكِيلاً ﴾ أي تعذيباً، وأصله التعذيب بالنكل وهو القيد فعمم، والمقصود من الجملة التهديد والتشجيع، وإظهار الاسم الجليل لتربية المهابة، وتعليل الحكم وتقوية استقلال الجملة، ( وتذكير ) الخبر لتأكيد التشديد. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٩٧﴾


الصفحة التالية
Icon