ولما كان كل من تحريض المؤمنين على الجهاد والشفاعة الحسنة من وادي " من سنَّ سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة " حَسُنَ اقترانهما جداً، والنصيب قدر متميز من الشيء يخص من هو له، وكذا الكفل إلا أن الاستعمال يدل على أنه أعظم من النصيب، ويؤيده ما قالوا من أنه قد يراد به الضعف، فكأنه نصيب متكفل بما هو له من إسعاد وإبعاد ؛ قال أهل اللغة : النصيب : الحظ، والكفر - بالكسر : الضعف والنصيب والحظ، ومادة " نصب " يدور على العلم المنصوب، ويلزمه الرفع والوضع والتمييز والأصل والمرجع والتعب، فيلزمه الوجع، ومن لوازمه أيضاً الحد والغاية والجد الوقوف ؛ ومادة " كفل " تدور على الكفل - بالتحريك وهو العجز أو ردفه، ويلزمه الصحابة واللين والرفق والتأخر ؛ وقال الإمام : الكفل هو النصيب الذي عليه يعتمد الإنسان في تحصيل المصالح لنفسه ودفع المفاسد عن نفسه، والمقصود هنا حصول ضد ذلك كقوله ﴿فبشرهم بعذاب أليم﴾ [ آل عمران : ٢١ والتوبة : ٣٤ والانشقاق : ٢٤ ] والغرض منه التنبيه على أن الشفاعة المؤدية إلى سيقوط الحق وقوة الباطل تكون عظيمة العقاب عند الله سبحانه وتعالى - انتهى.
وما غلظ هذا الزجر إلا للعلم بأن أكثر النفوس ميالة بأصحابها للشفاعة بالباطل.