وتفسيرها بالدعاء كما نقل عن الجبائي أو بالصلح بين اثنين كما روي الكلبي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لعله من باب التمثيل لا التخصيص، وكون التحريض الذي فعله ﷺ من باب الشفاعة ظاهر فإن المؤمنين تخلصوا بذلك من مضرة التثبط وتعيير العدو، واحتمال الذل وفازوا بالأجر الجزيل المخبوء لهم يوم القيامة ؛ وربحوا أموالاً جسيمة بسبب ذلك، فقد روي أنه عليه الصلاة والسلام لما وافى بجيشه بدراً ولم ير بها أحداً من العدو أقام ثماني ليال وكان معهم تجارات فباعوها وأصابوا خيراً كثيراً، ومن الناس من فسر الشفاعة هنا بأن يصير الإنسان شفع صاحبه في طاعة أو معصية، والحسنة منها ما كان في طاعة، فالجملة مسوقة للترغيب في الجهاد والترهيب عن التخلف والتقاعد، وأمر الارتباط عليه ظاهر ولا بأس به غير أن الجمهور على خلافه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٩٧﴾

فصل


قال الفخر :
قال أهل اللغة : الكفل : هو الحظ ومنه قوله تعالى :﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ﴾ [ الحديد : ٢٨ ] أي حظين وهو مأخوذ من قولهم : كفلت البعير واكتفلته إذا أدرت على سنامه كساء وركبت عليه.
وإنما قيل : كفلت البعير واكتفلته لأنه لم يستعمل كل الظهر، وإنما استعمل نصيبا من الظهر.
قال ابن المظفر : لا يقال : هذا كفل فلان حتى تكون قد هيأت لغيره مثله، وكذا القول في النصيب، فإن أفردت فلا تقل له كفل ولا نصيب.
فإن قيل : لم قال في الشفاعة الحسنة :﴿يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مّنْهَا﴾ وقال في الشفاعة السيئة :﴿يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا﴾ وهل لاختلاف هذين اللفظين فائدة ؟


الصفحة التالية
Icon