الأصمعي (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣) الذاريات) فانتفض السارق وقال ما الذي أغضب الجليل فجعله يُقسم ؟ من هذه القصة يتبين لنا أن العرب كانوا يفهمون ويتلذذون بالعبارة وكانوا إذا أراد أحدهم أن لا يؤمن يضع أصابعه في أذنيه حتى لا يسمع لأنه يعلم أن هذا الكلام ليس كلام بشر ونحن علينا أن نتلمس مواطن الجمال والبيان وإذا أشكل علينا شيء نسأل ولا نتردد فالقرآن حاكم على اللغة وليست اللغة هي الحاكمة على القرآن.
استعمال كلمة تدبر في القرآن الكريم :
وردت هذه الكلمة في أربع مواضع في القرآن الكريم في أربع آيات هي :
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤) محمد)
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢) النساء)
(أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) المؤمنون)
(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩) ص)
ويسأل القارئ عن هذا الاختلاف فلماذا استعمل فعل يتدبرون مرتين واستعمل يدّبروا مرتين ؟ (يدّبروا) اصلها يتدبروا لكن التاء سُكّنت فالتقت مع الدال فأُدغمت فيها فصارت يدّبروا. عادة ينظر في السياق ولا يجب أن تؤخذ الكلمة بدون سياقها لأن كلام الله تعالى مترابط فهو نزل الى السماء الدنيا جملة واحدة ثم نزل منجماً.
نبدأ باستعراض كل آية في سياقها ونبدأ بالآية في سورة محمد (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤) محمد) :