فصل
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ ﴾ التّحِيّة تفعلة من حييت ؛ الأصل تَحْيِيَة مثل تَرْضية وتَسْمِية، فأدغموا الياء في الياء.
والتحية السلام.
وأصل التحية الدعاء بالحياة.
والتحيات لله، أي السلام من الآفات.
وقيل : المُلْك.
قال عبد الله بن صالح العِجلِيّ : سألت الكسائي عن قوله "التحيات لله" ما معناه ؟ فقال : التحيات مثل البركات ؛ فقلت : ما معنى البركات ؟ فقال : ما سمعت فيها شيئاً.
وسألت عنها محمد بن الحسن فقال : هو شيء تعبّد الله به عباده.
فقدِمت الكوفة فلقيت عبد الله بن إدريس فقلت : إني سألت الكسائي ومحمداً عن قوله "التحيات لله" فأجاباني بكذا وكذا ؛ فقال عبد الله بن إدريس : إنهما لا علم لهما بالشّعر وبهذه الأشياء ؟ا التحية الملك ؛ وأنشد :
أَؤمّ بها أبا قابوس حتى...
أنِيخَ على تحيته بجنْدِي
وأنشد ابن خُوَيْز مَنْدَاد :
أَسِير به إلى النّعمان حتى...
أُنيخ على تحيته بجُندِي
يريد على ملكه.
وقال آخر :
ولَكُلُّ ما نال الفتى...
قد نِلْتُه إلاَّ التَّحِيّة
وقال القتبي : إنما قال "التحيات لله" على الجمع ؛ لأنه كان في الأرض ملوك يُحَيَّوْن بتحياتٍ مختلفات ؛ فيقال لبعضهم : أبَيْتَ اللّعْنَ، ولبعضهم : اسلم وانعم، ولبعضهم : عِش ألف سنة.
فقيل لنا : قولوا التحيات لله ؛ أي الألفاظ التي تدل على المُلْك، ويكنى بها عنه لله تعالى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٢٩٧﴾.