ولما تبين أنه لا معارض له أنتج قوله مبيناَ لوقت الحساب الأعظم :﴿ليجمعنكم﴾ وأكده باللام والنون دلالة على تقدير القسم لإنكار المنكرين له، ولما كان التدريج بالإماتة شيئاً فشيئاً، عبر بحرف الغاية فقال :﴿إلى يوم القيامة﴾ والهاء للمبالغة، ثم آكده بقوله :﴿لا ريب فيه﴾ أي فيفصل بينكم وبين من أخبركم بهم من المنافقين ونقد أحوالهم وبين محالهم، فيجازي كلاً بما يستحق.
ولما كان التقدير : فمن أعظم من الله قدرة! عطف عليه قوله :﴿ومن أصدق من الله﴾ أي الذي له الكمال كله فلا شوب نقص يلحقه ﴿حديثاً﴾ وهو قد وعد بذلك لأنه عين الحكمة، وأقسم عليه، فلا بد من وقوعه، وإذ قد تحرر بما مضى أن المنافقين كفرة، لا لبس في أمرهم، وكشف سبحانه وتعالى الحكم في باطن أمرهم بالشفاعة وظاهره بالتحية، وحذر من خالف ذلك بما أوجبته على نفسه حكمته من الجمع ليوم الفصل للحكم بالعدل، وختم بأن الخبر عنهم وعن جميع ذلك صدق. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢٩٢ ـ ٢٩٣﴾
وقال الفخر :
في النظم وجهان :
الأول : أنه لما أمر المؤمنين بالجهاد أمرهم ايضا بأن الأعداء لو رضوا بالمسألة فكونوا أنتم أيضا راضين بها، فقوله :﴿وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ كقوله تعالى :﴿وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فاجنح لَهَا﴾ [ الأنفال : ٦١ ].


الصفحة التالية
Icon