ومن هذا يعلم أن ﴿ وَيَكُفُّواْ ﴾ بمعنى لم يكفوا عطف على المنفي لا على النفي بقرينة سقوط النون الذي هو علامة الجزم، وعطفه على النفي والجزم بأن الشرطية لا يصح لأنه يستلزم التناقض لأن معنى ﴿ فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ ﴾ إن لم يكفوا، وإذا عطف ﴿ وَيَكُفُّواْ ﴾ على النفي يلزم اجتماع عدم الكف والكف، وكلام الله تعالى منزه عنه، وكذا لا يصح كون قوله سبحانه :﴿ وَيَكُفُّواْ ﴾ جملة حالية أو استئنافية بيانية أو نحوية لاستلزام كل منهما التناقض مع أنه يقتضي ثبوت النون في ﴿ يكفوا ﴾ على ما هو المعهود في مثله، وأبو حيان جعل الجزاء في الأول : مرتباً على شيئين وفي الثانية : على ثلاثة، والسر في ذلك الإشارة إلى مزيد خباثة هؤلاء الآخرين، وكلام العلامة البيضاوي بيض الله تعالى غرة أحواله في هذا المقام لا يخلو عن تعقيد، وربما لا يوجد له محمل صحيح إلا بعد عناية وتكلف فتأمل جداً ﴿ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ ﴾ الموصوفون بما ذكر من الصفات الشنيعة.
﴿ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سلطانا مُّبِيناً ﴾ أي حجة واضحة فيما أمرناكم به في حقهم لظهور عداوتهم ووضوح كفرهم وخباثتهم، أو تسلطاً لا خفاء فيه من حيث أذنا لكم في أخذهم وقتلهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١١١ ـ ١١٢﴾


الصفحة التالية
Icon