أحدهما : أن تُسَمُّوهم بالهُدى وقد سمّاهم الله بالضلال عقوبة لهم.
والثاني : تهدوهم إلى الثواب بمدحهم والله قد أَضَلَّهم بذمهم. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٥١٥﴾
فصل
قال الفخر :
قالت المعتزلة المراد من قوله :﴿أَضَلَّ الله﴾ ليس أنه هو خلق الضلال فيه للوجوه المشهورة، ولأنه تعالى قال قبل هذه الآية :﴿والله أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُواْ﴾ فبين تعالى انه إنما ردهم وطردهم بسبب كسبهم وفعلهم، وذلك ينفي القول بان إضلالهم حصل بخلق الله وعند هذا حملوا قوله :﴿مَنْ أَضَلَّ الله﴾ على وجوه : الأول : المراد منه ان الله تعالى حكم بضلالهم وكفرهم كما يقال فلان يكفر فلانا ويضله : بمعنى أنه حكم به وأخبر عنه :
الثاني : أن المعنى أتريدون أن تهدوا إلى الجنة من أضله الله عن طريق الجنة، وذلك لأنه تعالى يضل الكفار يوم القيامة عن الاهتداء إلى طريق الجنة.
الثالث : أن يكون هذا الإضلال مفسرا بمنع الالطاف.
واعلم أنا قد ذكرنا في مواضع كثيرة من هذا الكتاب ضعف هذه الوجوه، ثم نقول : هب أنها صحيحة، ولكنه تعالى لما أخبر عن كفرهم وضلالهم، وانهم لا يدخلون الجنة فقد توجه الإشكال لأن انقلاب علم الله تعالى جهلا محال، والمفضي إلى المحال محال، ومما يدل على أن المراد من الآية أن الله تعالى أضلهم عن الدين قوله :﴿وَمَن يُضْلِلِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً﴾ فالمؤمنون في الدنيا إنما كانوا يريدون من المنافقين الإيمان ويحتالون في إدخالهم فيه.
ثم قال تعالى :﴿وَمَن يُضْلِلِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً﴾ فوجب أن يكون معناه أنه تعالى لما أضلهم عن الإيمان امتنع أن يجد المخلوق سبيلا إلى إدخاله في الإيمان، وهذا ظاهر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٧٥﴾