من فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ فَمَا لَكُمْ ﴾ مبتدأ وخبر، والاستفهام للإنكار، والنفي والخطاب لجميع المؤمنين، ( وما فيه من معنى التوبيخ لبعضهم )، وقوله سبحانه :﴿ فِى المنافقين ﴾ يحتمل كما قال السمين أن يكون متعلقاً بما يدل عليه قوله تعالى :﴿ فِئَتَيْنِ ﴾ ( من معنى الافتراق ) أي فما لكم تفترقون في المنافقين، وأن يكون حالاً من ﴿ فِئَتَيْنِ ﴾ أي فئتين مفترقتين في المنافقين، فلما قدم نصب على الحال، وأن يكون متعلقاً بما تعلق به الخبر أي أي شيء كائن لكم في أمرهم وشأنهم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وفي انتصاب ﴿ فِئَتَيْنِ ﴾ وجهان كما في "الدر المصون".
وأحدهما : أنه حال من ضمير ﴿ لَكُمْ ﴾ المجرور والعامل فيه الاستقرار، أو الظرف لنيابته عنه، وهذه الحال لازمة لا يتم الكلام بدونها، وهذا مذهب البصريين في هذا التركيب وما شابهه، وثانيهما : وهو مذهب الكوفيين أنه خبر كان مقدرة أي مالكم في شأنهم كنتم فئتين، ورد بالتزام تنكيره في كلامهم نحو ﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التذكرة مُعْرِضِينَ ﴾ [ المدثر : ٤٩ ] وأما ما قيل على الأول : من أن كون ذي الحال بعضاً من عامله غريب لا يكاد يصح عند الأكثرين فلا يكون معمولاً له، ولا يجوز اختلاف العامل في الحال وصاحبها فمن فلسفة النحو كما قال الشهاب، والمراد إنكار أن يكون للمخاطبين شيء مصحح لاختلافهم في أمر المنافقين، وبيان وجوب قطع القوم بكفرهم وإجرائهم مجرى المجاهرين في جميع الأحكام وذكرهم بعنوان النفاق باعتبار وصفهم السابق.


الصفحة التالية
Icon