إن العمل هو الذي يتم تقييمه. ولذلك يقول الحق :﴿ فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حَتَّى يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ والهجرة من " هجر "، و " هجر " يعني أن الإنسان قد عدل من مكان إلى مكان، أو عن ود إلى ود، أو عن خصلة إلى خصلة، والذي يَهجر عادة يتجنى على من " هُجر "، لنلاحظ أن الله سبحانه وتعالى في كتابه عندما يأتي بالحدث. يأتي بـ " هاجر "، ولم يأت بالحادث " هجر "، فالنبي ﷺ لم يهجر مكة. ولكنه هاجر منها، ويقول ﷺ :
" والله إنك لأحب أرض الله إليّ وإنك لأحب أرض الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ".
فالهجرة جاءت ؛ لأن أهل مكة هجروه أولاً، فاضطر أن يهاجر. و " هاجر " على وزن " فاعل ". والمتنبي يقول : إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ألا تفارقهم فالراحلون همو
ولذلك جاء الحق بالهجرة على صيغة المفاعلة. لقد كرهوا دعوته. واستجاب الرسول للكراهية فهاجر.
ويوضح سبحانه أن الذي يخلص هؤلاء المنافقين من حكمنا عليهم، ألا يتخذ المؤمنون منهم أولياء هو : أن يهاجروا في سبيل الله ؛ لأن ذلك هو حيثية صدق الإيمان. فالمهاجر يحيا عيشة صعبة. وقد عاش المهاجرون على فيض الله من خير الأنصار، ولم يؤسسوا حياتهم بشكل لائق. إذن فمن ينضم إلى ذلك الموكب هو مؤمن اشترى الإيمان وقدر على أن يكفِّر عما بدر منه. فليست الهجرة مجرد هجرة، ولكنها هجرة في سبيل الله.
ولذلك نرى القاعدة الإيمانية في الحديث النبوي :" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمريء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله.. فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ".


الصفحة التالية
Icon