فصل


قال الفخر :
ذكروا في سبب نزول هذه الآية وجوها :
الأول : أنها نزلت في قوم قدموا على النبي ﷺ وآله مسلمين فأقاموا بالمدينة ما شاء الله، ثم قالوا يا رسول الله : نريد أن نخرج إلى الصحراء فائذن لنا فيه، فأذن لهم، فلما خرجوا لم يزالوا يرحلون مرحلة مرحلة حتى لحقوا بالمشركين فتكلم المؤمنون فيهم، فقال بعضهم : لو كانوا مسلمين مثلنا لبقوا معنا وصبروا كما صبرنا وقال قوم : هم مسلمون، وليس لنا أن ننسبهم إلى الكفر إلى أن يظهر أمرهم، فبين الله تعالى نفاقهم في هذه الآية.
الثاني : نزلت الآية في قوم أظهروا الإسلام بمكة، وكانوا يعينون المشركين على المسلمين.
فاختلف المسلمون فيهم وتشاجروا، فنزلت الآية.
وهو قول ابن عباس وقتادة.
الثالث : نزلت الآية في الذين تخلفوا يوم أحد عن رسول الله ﷺ وقالوا : لو نعلم قتالا لاتبعناكم، فاختلف أصحاب الرسول ﷺ فيهم، فمنهم فرقة يقولون كفروا، وآخرون قالوا : لم يكفروا، فنزلت هذه الآية.
وهو قول زيد بن ثابت، ومنهم من طعن في هذا الوجه وقال : في نسق الآية ما يقدح فيه، وإنهم من أهل مكة، وهو قوله تعالى :﴿فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حتى يُهَاجِرُواْ فِى سَبِيلِ الله﴾ [ النساء : ٨٩ ] الرابع : نزلت الآية في قوم ضلوا وأخذوا أموال المسلمين وانطلقوا بها إلى اليمامة فاختلف المسلمون فيهم، فنزلت الآية : وهو قول عكرمة.
الخامس : هم العرنيون الذين أغاروا وقتلوا يسارا مولى الرسول صلى الله عليه وسلم.
السادس : قال ابن زيد : نزلت في أهل الإفك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٧٤﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَمَا لَكُمْ فِي المنافقين فِئَتَيْنِ ﴾ ﴿ فِئَتَيْنِ ﴾ أي فرقتين مختلفتين.
روى مسلم عن زيد بن ثابت :" أن النبيّ ﷺ خرج إلى أُحد فرجع ناس ممن كان معه، فكان أصحاب النبيّ ﷺ فيهم فرقتين ؛ فقال بعضهم : نقتلهم.
وقال بعضهم : لا ؛ فنزلت ﴿ فَمَا لَكُمْ فِي المنافقين فِئَتَيْنِ ﴾ " وأخرجه التّرمذيّ فزاد : وقال :" إنها طِيبة " وقال :" إنها تَنْفِي الخبيث كما تنفي النار خبث الحديد " قال :"حديث حسن صحيح".
وقال البخاريّ :" إنها طيِبة تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة " والمعنِيّ بالمنافقين هنا عبد الله بن أُبيّ وأصحابه الذين خذلوا رسول الله ﷺ يوم أُحُد ورجعوا بعسكرهم بعد أن خرجوا ؛ كما تقدّم في "آل عمران".


الصفحة التالية
Icon