والفرقة الثانية قالت : هي عامة قد دخلها التخصيص بدليل أنه لو قتله كافر، ثم أسلم الكافر، انهدرت عنه العقوبة في الدنيا والآخرة، فإذا ثبت كونها من العامّ المخصّص، فأي دليل صلح للتخصيص، وجب العمل به.
ومن أسباب التخصيص أن يكون قَتله مستحلاً، فيستحق الخلود لاستحلاله.
وقال قومٌ : هي مخصوصة في حقّ من لم يَتُب، واستدلوا بقوله تعالى في الفرقان :﴿ إِلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فاؤلئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيمًا ﴾ [ الفرقان : ٧٠ ].
وقال آخرون : هي منسوخة بقوله :﴿ إِن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾ [ النساء : ٤٨ ]. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ١٦٨﴾
فائدة
قال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ﴾ روي عن سالم بن أبي الجعد قال : كنت عند عبد الله بن عباس بعدما كفّ بصره، فجاءه رجل فناداه : ما تقول فيمن قتل مؤمناً متعمداً ؟ فقال : جزاؤه جهنم خالداً فيها.
﴿ وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ﴾ فقال : أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ؟ قال : وأنى له الهدى، سمعت نبيكم ﷺ يقول :" يَأَتِي قَاتِلُ المُؤْمِنِ مُتَعَمِّداً وَيَتَعَلَّقُ بِهِ المَقْتُولُ عِنْدَ عَرْشِ الرحمن، فَيَقُولُ يَا رَبِّ سَلْ هذا فِيمَ قَتَلَنِي ؟ " فوالذي نفسي بيده في هذا أنزلت هذه الآية، فما نسختها آية بعد نبيكم، وما نزل بعده من برهان.
وروي عن ابن عمر وأبي هريرة أنهما قالا : لا توبة له.