والجواب عن الأول : أن المستضعف قد يكون قادراً على ذلك الشيء مع ضرب من المشقة وتمييز الضعف الذي يحصل عنده الرخصة عن الحد الذي لا يحصل عنده الرخصة شاق ومشتبه، فربما ظن الإنسان بنفسه أنه عاجز عن المهاجرة ولا يكون كذلك، ولا سيما في الهجرة عن الوطن فإنها شاقة على النفس، وبسبب شدة النفرة قد يظن الإنسان كونه عاجزاً مع أنه لا يكون كذلك، ولا سيما في الهجرة عن الوطن فإنها شاقة على النفس، وبسبب شدة النفرة قد يظن الإنسان كونه عاجزاً مع أنه لا يكون كذلك، فلهذا المعنى كانت الحاجة إلى العفو شديدة في هذا المقام.
وأما السؤال الثاني : وهو قوله : ما الفائدة في ذكر لفظة ﴿عسى﴾ ههنا ؟ فنقول : الفائدة فيها الدلالة على أن ترك الهجرة أمر مضيق لا توسعة فيه، حتى أن المضطر البين الاضطرار من حقه أن يقول : عسى الله أن يعفو عني، فكيف الحال في غيره.
هذا هو الذي ذكره صاحب "الكشاف" في الجواب عن هذا السؤال، إلا أن الأولى أن يكون الجواب ما قدمناه، وهو أن الإنسان لشدة نفرته عن مفارقة الوطن ربما ظن نفسه عاجزاً عنها مع أنه لا يكون كذلك في الحقيقة، فلهذا المعنى ذكر العفو بكلمة ﴿عَسَى﴾ لا بالكلمة الدالة على القطع. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٢﴾
فائدة
قال الآلوسى :
﴿ فَأُوْلَئِكَ ﴾ أي المستضعفون ﴿ عَسَى الله أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ﴾ فيه إيذان بأن ترك الهجرة أمر خطير حتى أن المضطر الذي تحقق عدم وجوبها عليه ينبغي أن يعد تركها ذنباً، ولا يأمن، ويترصد الفرصة ويعلق قلبه بها. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٢٧﴾
قوله تعالى ﴿وَكَانَ الله عَفُوّاً غَفُوراً﴾
قال أبو حيان :
﴿ وكان الله عفواً غفوراً ﴾ تأكيد في وقع عفوه عن هؤلاء، وتنبيه على أنّ هذا المترجي هو واقع، لأنه تعالى لم يزل متصفاً بالعفو والمغفرة. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٣٤٩ ـ ٣٥٠﴾


الصفحة التالية
Icon