وفضله وهو جواب الشرط، وفي مقارنة هذا الشرط مع الشرط السابق الدلالة على أن المهاجر له إحدى الحسنيين إما أن يرغم أنف أعداء الله ويذلهم بسبب مفارقته لهم واتصالهم بالخير والسعة، وإما أن يدركه الموت ويصل إلى السعادة الحقيقية والنعيم الدائم، وفي الآية ما لا يخفى من المبالغة في الترغيب فقد قيل : كان مقتضى الظاهر ومن يهاجر إلى الله ورسوله ويمت يثبه إلا أنه اختير ﴿ وَمَن يُخْرِجُ مهاجرا مِن بَيْتِهِ ﴾ على ومن يهاجر لما أشرنا إليه آنفاً، ووضع ﴿ يُدْرِكْهُ الموت ﴾ موضع يمت إشعاراً بمزيد الرضا من الله تعالى، وأن الموت كالهدية منه سبحانه له لأنه سبب للوصول إلى النعيم المقيم الذي لا ينال إلا بالموت، وجيء بثم بدل الواو تتميماً لهذه الدقيقة، وأن مرتبة الخروج دون هذه المرتبة، وأقيم ﴿ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ الله ﴾ مقام يثبه لما أنه مؤذن باللزوم والثبوت، وأن الأجر عظيم لا يقادر قدره ولا يكتنه كنهه لأنه على الذات الأقدس المسمى بذلك الاسم الجامع ؛ وعن الزمخشري : إن فائدة ﴿ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ﴾ بيان أن الأجر إنما يستقر إذا لم يحبط العمل الموت. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٢٨﴾
فائدة
قال الفخر :
استدل قوم بهذه الآية على أن الغازي إذا مات في الطريق وجب سهمه من الغنيمة، كما وجب أجره.
وهذا ضعيف، لأن لفظ الآية مخصوص بالأجر، وأيضاً فاستحقاق السهم من الغنيمة متعلق بحيازتها، إذ لا تكون غنيمة إلا بعد حيازتها، قال تعالى :﴿واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء﴾ [ الأنفال : ٤١ ] والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٤﴾
قوله تعالى ﴿وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً﴾
قال الفخر :
﴿وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً﴾ أي يغفر ما كان منه من القعود إلى أن يخرج، ويرحمه بإكمال أجر المجاهدة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٤﴾


الصفحة التالية
Icon