﴿ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ﴾ [ النساء : ٩٢ ] أي فعليه الإمساك عن العاديات وترك المألوفات ستين يوماً، وهي مقدار مدة الميقات الموسوي ونصفها رجاء أن يحصل له البقاء بعد الفناء ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ﴾ [ النساء : ٩٣ ] إشارة إلى أن النفس إذا قتلت القلب واستولت عليه بقيت معذبة في نيران الطبيعة مبعدة عن الرحمة مظهراً لغضب الله تعالى :﴿ عَظِيماً يَا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ الله ﴾ لإرشاد عباده ﴿ فَتَبَيَّنُواْ ﴾ حال المريد في الرد والقبول ﴿ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السلام لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحياة الدنيا ﴾ أي لا تنفروا من استسلم لكم وأسلم نفسه بأيديكم لترشدوه فتقولوا له لست مؤمناً صادقاً لتعلق قلبك بالدنيا فسلم ما عندك من حطامها ليخلو قلبك لربك وتصلح لسلوك الطريق ﴿ فَعِنْدَ الله مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ﴾ للسالكين إليه فإذا حظي بها السالك ترك لها ما في يده من الدنيا وأعرض قلبه عن ذلك ﴿ كذلك كُنتُمْ مّن قَبْلُ فَمَنَّ الله عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ ﴾ [ النساء : ٩٤ ] أي مثل هذا المريد كنتم أنتم في مبادي طلبكم وتسليم أنفسكم للمشايخ حيث كان لكم تعلق بالدنيا فمنّ الله عليكم بعد السلوك بتلك المغانم الكثيرة التي عنده فأنساكم جميع ما في أيديكم وفطم قلوبكم عن الدنيا بأسرها فقيسوا حال من يسلم نفسه إليكم بحالكم لتعلموا أن الله سبحانه بمقتضى ما عود المتوجهين إليه الطالبين له سيمنّ على هؤلاء بما منّ به عليكم، ويخرج حب الدنيا من قلوبهم بأحسن وجه كما أخرجه من قلوبكم.