وقال الجمهور : إنا قد أمرنا باتباعه والتأسِّي به في غير ما آية وغير حديث، فقال تعالى :﴿ فَلْيَحْذَرِ الذين يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [ النور : ٦٣ ] وقال ﷺ :" صلّوا كما رأيتموني أُصلّي " فلزم اتباعه مطلقاً حتى يدلّ دليل واضح على الخصوص ؛ ولو كان ما ذكروه دليلاً على الخصوص للزم قصر الخطابات على من توجهت له، وحينئذ كان يلزم أن تكون الشريعة قاصرة على من خوطب بها ؛ ثم إن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين اطرحوا توهّم الخصوص في هذه الصَّلاة وعَدَّوْه إلى غير النبيّ ﷺ، وهم أعلم بالمقال وأقعد بالحال.
وقد قال تعالى :﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الذين يَخُوضُونَ في آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حتى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [ الأنعام : ٦٨ ] وهذا خطاب له، وأمّته داخلة فيه، ومثله كثير.
وقال تعالى :﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾ وذلك لا يوجب الاقتصار عليه وحده، وأن مَن بعده يقوم في ذلك مقامه ؛ فكذلك في قوله :﴿ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ ﴾.
ألا ترى أن أبا بكر الصدّيق في جماعة الصحابة رضي الله عنهم قاتلوا من تأوّل في الزكاة مثل ما تأوّلتموه في صلاة الخوف.
قال أبو عمر : ليس في أخذ الزكاة التي قد استوى فيها النبيّ ﷺ ومن بعده من الخلفاء ما يشبه صلاة من صلّى خلف النبيّ ﷺ وصلّى خلف غيره ؛ لأن أخذ الزكاة فائدتها توصيلها للمساكين، وليس فيها فضل للمعطي كما في الصَّلاة فضل للمصلّي خلفه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣٦٤ ـ ٣٦٥﴾.
فصل فى شرح صلاة الخوف
قال الفخر :
شرح صلاة الخوف هو أن الإمام يجعل القوم طائفتين ويصلي بهم ركعة واحدة، ثم إذا فرغوا من الركعة فكيف يصنعون ؟ فيه أقوال :