الأول : فإذا قضيتم صلاة الخوف فواظبوا على ذكر الله في جميع الأحوال، فإن ما أنتم عليه من الخوف والحذر مع العدو جدير بالمواظبة على ذكر الله والتضرع إليه، الثاني : أن المراد بالذكر الصلاة، يعني صلوا قياماً حال اشتغالكم بالمسابقة والمقارعة، وقعوداً حال اشتغالكم بالرمي، وعلى جنوبكم حال ما تكثر الجراحات فيكم فتسقطون على الأرض، فإذا اطمأننتم حين تضع الحرب أوزارها فأقيموا الصلاة، فاقضوا ما صليتم في حال المسابقة.
هذا ظاهر على مذهب الشافعي في إيجاب الصلاة على المحارب في حال المسابقة إذا حضر وقتها، وإذا اطمأنوا فعليهم القضاء إلا أن على هذا القول إشكالاً، وهو أن يصير تقدير الآية : فإذا قضيتم الصلاة فصلوا، وذلك بعيد لأن حمل لفظ الذكر على الصلاة مجاز فلا يصار إليه إلا لضرورة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٢٣﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فاذكروا الله قِيَاماً وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِكُمْ ﴾ ذهب الجمهور إلى أن هذا الذّكر المأمور به إنما هو إثر صلاة الخوف ؛ أي إذا فرغتم من الصلاة فاذكروا الله بالقلب واللسان، على أي حال كنتم ﴿ قِيَاماً وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِكُمْ ﴾ وأديموا ذكره بالتكبير والتهليل والدعاء بالنصر لا سيما في حال القتال.
ونظيره ﴿ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثبتوا واذكروا الله كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [ الأنفال : ٤٥ ].
ويقال :﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصلاة ﴾ بمعنى إذا صليتم في دار الحرب فصلوا على الدواب، أو قياما أو قعودا أو على جنوبكم إن لم تستطيعوا القيام، إذا كان خوفا أو مرضا ؛ كما قال تعالى في آية أخرى :﴿ فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً ﴾ [ البقرة : ٢٣٩ ]