﴿ فاذكروا الله قياما وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِكُمْ ﴾ أي فداوموا على ذكره سبحانه في جميع الأحوال حتى في حال ( المسابقة ) والمقارعة والمراماة، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال عقب تفسيرها : لم يعذر الله تعالى أحداً في ترك ذكره إلا المغلوب على عقله، وقيل : المعنى وإذا أردتم أداء الصلاة واشتد الخوف أو التحم القتال فصلوا كيفما كان، وهو الموافق لمذهب الشافعي من وجوب الصلاة حال المحاربة وعدم جواز تأخيرها عن الوقت، ويعذر المصلي حينئذ في ترك القبلة لحاجة القتال لا لنحو جماح دابة وطال الفصل، وكذا الأعمال الكثيرة لحاجة في الأصح لا الصياح أو النطق بدونه ولو دعت الحاجة إليه كتنبيه من خشي وقوع مهلك به أو زجر الخيل أو الإعلام بأنه فلان المشهور بالشجاعة لندرة الحاجة ولا قضاء بعد الأمن فيه، نعم لو صلوا كذلك لسواد ظنوه ولو بإخبار عدل عدواً فبان أن لا عدو وأن بينهم وبينه ما يمنع وصوله إليهم كخندق، أو أن بقربهم عرفاً حصناً يمكنهم التحصن به من غير أن يحاصرهم فيه قضوا في الأظهر، ولا يخفى أن حمل الآية على ذلك في غاية البعد. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٣٧﴾
وقال ابن عاشور :
القضاء : إتمام الشيء كقوله :﴿ فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءهم أو أشدّ ذكراً ﴾ [ البقرة : ٢٠٠ ].
والظاهر من قوله :﴿ فإذا قضيتم الصلاة ﴾ أنّ المراد من الذكر هنا النوافل، أو ذكر اللسان كالتسبيح والتحميد، ( فقد كانوا في الأمن يجلسون إلى أن يفرغوا من التسبيحِ ونحوه )، فرخّص لهم حين الخوف أن يذكروا الله على كلّ حال والمراد القيام والقعود والكون على الجنوب ما كان من ذلك في أحوال الحرب لا لأجل الاستراحة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢٤٤﴾


الصفحة التالية