قال مقيده - عفا الله عنه - الظاهر سقوط هذا الاستدلال، أما الاستدلال على الاشتراك بحديث ابن عباس " فصلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر، في اليوم الأول " فيجاب عنه بما أجاب به الشافعي - رحمه الله - وهو أن معنى صلاته للظهر في اليوم الثاني فراغه منها، كما هو ظاهر اللفظ، ومعنى صلاته للعصر في ذلك الوقت، في اليوم الأول ابتداء الصلاة، فيكون قد فرغ من صلاة الظهر في اليوم الثاني عند كون ظل الشخص مثله، وابتدأ صلاة العصر في اليوم الأول ابتداء الصلاة، عند كون ظل الشخص مثله أيضاً، فلا يلزم الاشتراك، ولا إشكال في ذلك. لأن آخر وقت الظهر، هو أول وقت العصر، ويدل لصحة هذا الذي قاله الشافعي، ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى - رضي الله عنه - " وصلى الظهر قريباً من وقت العصر بالأمس " فهو دليل صحيح واضح في أنه ابتدأ صلاة الظهر في اليوم الثاني قريباً من وقت كون ظل الشخص مثله، وأتمها عند كون ظله مثله كما هو ظاهر، ونظير هذا التأويل الذي ذهب إليه الشافعي.
قوله تعالى :﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ ﴾ [ الطلاق : ٢ ] وقوله تعالى :﴿ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ ﴾ [ البقرة : ٢٣٢ ] فالمراد بالبلوغ الأول مقاربته، وبالثاني حقيقة انقضاء الأجل.
وأما الاستدلال على الاشتراك بحديث ابن عباس، المتفق عليه أنه ﷺ " جمع بالمدينة من غير خوف، ولا سفر " فيجاب عنه بأنه يتعين حمله على الجمع الصوري جمعاً بين الأدلة، وهو أنه صلى الظهر في آخر وقتها حين لم يبق من وقتها إلا قدر ما تصلى فيه، وعند الفراغ منها دخل وقت العصر فصلاها في أوله، ومن صلى الظهر في ىخر وقتها، والعصر في أول وقتها كانت صورة صلاته صورة الجمع، وليس ثم جمع في الحقيقة. لأنه أدى كلاً من الصلاتين في وقتها المعين لها، كما هو ظاهر، وستأتي له زيادة إيضاح إن شاء الله.


الصفحة التالية
Icon