وهذه الصَّلاة المذكورة في القرآن إنما يُحتاج إليها والمسلمون مستدبرون القبلة ووجه العدوّ القبلة، وإنما اتفق هذا بذات الرِّقاع، فأما بعُسْفان والموضع الآخر فالمسلمون كانوا في قبالة القبلة.
وما ذكرناه من سبب النزول في قصة خالد بن الوليد لا يلائم تفريق القوم إلى طائفتين، فإن في الحديث بعد قوله ﴿ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصلاة ﴾ قال : فحضرت الصَّلاة فأمرهم النبيّ ﷺ أن يأخذوا السلاح وصَفّنا خلفه صفين، قال : ثم ركع فركعنا جميعاً، قال : ثم رفع فرفعنا جميعاً، قال : ثم سجد النبيّ ﷺ بالصف الذي يليه قال : والآخرون قيام يحرسونهم، فلما سجدوا وقاموا جلس الآخرون فسجدوا في مكانهم، قال : ثم تقدّم هؤلاء في مَصافّ هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مَصافّ هؤلاء.
قال : ثم ركع فركعوا جميعاً، ثم رفع فرفعوا جميعاً، ثم سجد النبيّ ﷺ والصف الذي يليه، والآخرون قيام، يحرسونهم فلما جلس الآخرون سجدوا ثم سلّم عليهم.
قال : فصلاها رسول الله ﷺ مرتين : مرّة بعُسْفان ومرّة في أرض بني سليم.
وأخرجه أبو داود من حديث أبي عياش الزُّرَقيّ وقال : وهو قول الثوريّ وهو أحوطها.
وأخرجه أبو عيسى الترمذيّ من حديث أبي هريرة : أن رسول الله ﷺ نزل بين ضَجَنان وعُسْفان ؛ الحديث.
وفيه أنه عليه السَّلام صدعهم صدعيْن وصلّى بكل طائفة ركعة، فكانت للقوم ركعة ركعة، وللنبيّ ﷺ ركعتان، قال : حديث حسن صحيح غريب.
وفي الباب عن عبد الله ابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس وجابر وأبي عَيّاش الزّرَقي واسمه زيد بن الصامت، وابن عمر وحذيفة وأبي بكر وسهل بن أبي حَثْمَة.
قلت : ولا تعارض بين هذه الروايات، فلعله صلى بهم صلاة كما جاء في حديث أبي عياش مجتمعين، وصلى بهم صلاة أُخرى متفرقين كما جاء في حديث أبي هريرة، ويكون فيه حجة لمن يقول صلاة الخوف ركعة.


الصفحة التالية