وجملة :﴿ وهو معهم ﴾ حال من اسم الجلالة، والمعية هنا معية العلم والاطّلاع و ﴿ إذ يبيّتون ﴾ ظرف، والتبييت جعل الشيء في البيَات، أي الليل، مثل التصبيح، يقال : بيَّتهم العدوُّ وصبَّحهم العدوُّ وفي القرآن :﴿ لنبيتَنَّه وأهلَه ﴾ [ النمل : ٤٩ ] أي لنأتينّهم ليلا فنقلتهم.
والمبيَّت هنا هو ما لا يُرضي من القول، أي دبّروه وزوّروه ليلا لقصد الإخفاء، كقول العرب : هذا أمر قُضي بليل، أو تُشُورّ فيه بليل، والمراد هنا تدبير مكيدتهم لرمي البُراء بتهمة السرقة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢٤٩﴾
فائدة
قال القرطبى :
قال الضحاك : لما سرق الدّرع اتخذ حفرة في بيته وجعل الدّرع تحت التراب ؛ فنزلت ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الناس وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الله ﴾ يقول : لا يخفى مكان الدّرع على الله ﴿ وَهُوَ مَعَهُمْ ﴾ أي رقيب حفيظ عليهم.
وقيل :﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الناس ﴾ أي يستتِرون، كما قال تعالى :﴿ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بالليل ﴾ [ الرعد : ١٠ ] أي مستتر.
وقيل : يستحيون من الناس، وهذا لأن الاستحياء سبب الاستتار.
ومعنى ﴿ وَهُوَ مَعَهُمْ ﴾ أي بالعلم والرّؤية والسمع، هذا قول أهل السنة.
وقالت الجهمية والقدرية والمعتزلة : هو بكل مكان، تمسكا بهذه الآية وما كان مثلها، قالوا : لما قال ﴿ وَهُوَ مَعَهُمْ ﴾ ثبت أنه بكل مكان، لأنه قد أثبت كونه معهم تعالى الله عن قولهم، فإن هذه صفة الأجسام والله تعالى متعالٍ عن ذلك ألا ترى مناظرة بِشْر في قول الله عز وجل :﴿ مَا يَكُونُ مِن نجوى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ ﴾ [ المجادلة : ٧ ] حين قال : هو بذاته في كل مكان فقال له خصمه : هو في قَلَنْسُوَتِكَ وفي حَشْوك وفي جوف حِمارك.
تعالى الله عما يقولون! حكى ذلك وَكيعٌ رضي الله عنه.
ومعنى ﴿ يُبَيِّتُونَ ﴾ يقولون.
قاله الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
﴿ مَا لاَ يرضى ﴾ أي ما لا يرضاه الله لأهل طاعته.