إذا عرفت هذا فنقول : هذا خطاب مع قوم من المؤمنين كانوا يذبون عن طعمة وعن قومه بسبب أنهم كانوا في الظاهر من المسلمين، والمعنى : هبوا أنكم خاصمتم عن طعمة وقومه في الدنيا، فمن الذين يخاصمون عنهم في الآخرة إذا أخذهم الله بعذابه.
وقرأ عبد الله بن مسعود : ها أنتم هؤلاء جادلتم عنه، يعني عن طعمة، وقوله ﴿فَمَن يجادل الله عَنْهُمْ﴾ استفهام بمعنى التوبيخ والتقريع.
ثم قال تعالى :﴿أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً﴾ فقوله :﴿أَمْ مَّن يَكُونُ﴾ عطف على الاستفهام السابق، والوكيل هو الذي وكل إليه الأمر في الحفظ والحماية، والمعنى : من الذي يكون محافظاً ومحامياً لهم من عذاب الله ؟. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٣٠﴾
وقال الآلوسى :
﴿ هَأَنْتُمْ هَؤُلاء ﴾ خطاب للذابين مؤذن بأن تعديد جناياتهم يوجب مشافهتهم بالتوبيخ والتقريع، والجملة مبتدأ وخبر، وقوله سبحانه :﴿ جادلتم عَنْهُمْ فِي الحياة الدنيا ﴾ جملة مبينة لوقوع أولاء خبراً فهو بمعنى المجادلين وبه تتم الفائدة، ويجوز أن يكون أولاء إسماً موصولاً كما هو مذهب بعض النحاة في كل اسم إشارة، و﴿ جادلتم ﴾ صلته، فالحمل حينئذ ظاهر، والمجادلة أشد المخاصمة وأصلها من الجدل وهو شدة الفتل، ومنه قيل للصقر : أجدل والمعنى هبوا أنكم بذلتم الجهد في المخاصمة عمن أشارت إليه الأخبار في الدنيا.