الْقُوَّةَ، وَيُضَاعِفُ الْعَزِيمَةَ، فَيَدْأَبُ صَاحِبُهُ عَلَى عَمَلِهِ بِالصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ، وَالْيَأْسُ يُمِيتُ الْهِمَّةَ، وَيُضْعِفُ الْعَزِيمَةَ، فَيَغْلِبُ عَلَى صَاحِبِهِ الْجَزِعُ وَالْفُتُورُ، فَإِذَا اسْتَوَيْتُمْ
مَعَهُمْ فِي آلَامِ الْأَبْدَانِ، فَقَدْ فَضَلْتُمُوهُمْ بِقُوَّةِ الْوِجْدَانِ، وَجُرْأَةِ الْجَنَانِ، وَالثِّقَةِ بِحُسْنِ الْعَاقِبَةِ، فَأَنْتُمْ إِذَنْ أَجْدَرُ بِالْمُهَاجَمَةِ، فَلَا تَهِنُوا بِالْتِزَامِ خُطَّةِ الْمُدَافَعَةِ، وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَقَدْ ثَبَتَ فِي عِلْمِهِ الْمُحِيطِ، وَاقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ الْبَالِغَةُ، وَمَضَتْ سُنَّتُهُ الثَّابِتَةُ، بِأَنْ يَكُونَ النَّصْرُ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَمَا دَامُوا بِهَدْيِهِ عَامِلِينَ، وَعَلَى سُنَنِهِ سَائِرِينَ ; لِأَنَّ أَقَلَّ شَأْنِ الْمُؤْمِنِينَ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونُوا مُسَاوِينَ لِلْكُفَّارِ فِي عَدَدِ الْقِتَالِ وَأَسْبَابِهِ الظَّاهِرَةِ وَهُمْ يَفْضُلُونَهُمْ بِالْقُوَى وَالْأَسْبَابِ الْبَاطِنَةِ، وَإِذَا أَقَامُوا الْإِسْلَامَ كَمَا أَمَرَ اللهُ - تَعَالَى - أَنْ يُقَامَ، فَإِنَّهُمْ يَكُونُونَ أَشَدَّ لِلْقِتَالِ اسْتِعْدَادًا، وَأَحْسَنَ نِظَامًا وَسِلَاحًا.
فَهَذِهِ الْآيَةُ بُرْهَانٌ عِلْمِيٌّ عَقْلِيٌّ عَلَى صِدْقِ وَعْدِ اللهِ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قَبْلُ فِي التَّفْسِيرِ وَغَيْرِ التَّفْسِيرِ مِنْ مَبَاحِثِ الْمَنَارِ، وَنَقَلْنَا فِي الْكَلَامِ عَلَى حَرْبِ الْإِنْكِلِيزِ لِأَهْلِ الْتِرَنْسِفَالِ