أَقُولُ : أَمَّا اتِّصَالُ الْآيَاتِ بِمَا قَبْلَهَا مُبَاشَرَةً فَالْأَقْرَبُ فِيهَا مَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ، وَيُمْكِنُ بَيَانُهُ بِأَنَّهُ - تَعَالَى - لَمَّا أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ مِنَ الْأَعْدَاءِ، وَيَسْتَعِدُّوا لِمُجَاهَدَتِهِمْ حِفْظًا لِلْحَقِّ أَنْ يُؤْتَى مِنَ الْخَارِجِ، أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَقُومُوا بِمَا يَحْفَظُهُ فِي نَفْسِهِ فَلَا يُؤْتَى مِنَ الدَّاخِلِ، وَأَنْ يُقِيمُوهُ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا أَمَرَ اللهُ - تَعَالَى -، وَلَا يُحَارِبُوا فِيهِ أَحَدًا، وَأَمَّا اتِّصَالُهَا بِمَجْمُوعِ مَا قَبْلَهَا فَقَدْ عَلِمْنَا مِمَّا مَرَّ أَنَّ أَوَّلَ السُّورَةِ فِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ وَالْبُيُوتِ إِلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى - : وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (٤ : ٣٦)، وَمِنْ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى هُنَا تَنَوَّعَتِ الْآيَاتُ بِالِانْتِقَالِ مِنَ الْأَحْكَامِ الْعَامَّةِ إِلَى مُجَادَلَةِ الْيَهُودِ، وَبَيَانِ حَالِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُؤْمِنِينَ، وَتَخَلَّلَ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِطَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالنَّعْيِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ كَالْيَهُودِ وَتَأْكِيدِ الْأَمْرِ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ، وَبَيَانِ أَنَّهُ - تَعَالَى - لَمْ يَبْعَثْ رَسُولًا إِلَّا لِيُطَاعَ، وَالتَّرْغِيبُ فِي هَذِهِ الطَّاعَةِ،


الصفحة التالية
Icon