" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
" هَا " للتَّنْبِيه في " أنْتُم "، و" هؤلاءِ " : مُبْتَدأ وخَبَر " جَادَلْتُم " جُمْلَة مبينة لِوُقُوع " أولاء " خبراً ؛ كما تَقُول لِبْعضِ الأسْخِيَاءِ : أنْتَ حَاتِمٌ تجود بِمَالِك، وتُؤثِر على نَفْسك، ويجُوز أن يكون " أولاء " اسماً مَوْصُولاً، بمعنى : الَّذِين، و" جادلْتُم " صلة وتقدَّم الكَلاَم على نَحْو ﴿ هَا أنْتُم هؤلاءِ ﴾، والجِدَال في اللُّغَة [ عبارة ] عَنْ شِدَّة المخَاصَمَةِ من الجَدَل وهو شدة الفتل، وجَدْل الحَبْل : شدَّة فتله، ورَجُل مَجْدُول كأنه فُتل، والأجْدَل : الصَّقر ؛ لأنَّه [ من ] أشَدِّ الطُّيُور قُوَّة ؛ هذا قَوْل الزَّجَّاج، والمَعْنَى : أن كل وَاحِدٍ [ من الخَصْمَيْن ] يريد فَتْل خَصْمه عن مَذْهَبه، وصَرْفَه عن رَأيه بِطَريق الحجاج، وقيل : الجِدَال من الجِدَالةِ، وهذا خِطَاب مع قَوْم من المُؤمنين، كانوا يذبُّون عن طعمة وَعن قوْمِهِ : بسبب أنهم كَانُوا في الظَّاهِرِ مسلِمين، والمعنى : هَبُوا أنَّكم خَاصَمتُم عن طعمة وقَوْمِهِ في الدُّنْيَا، فمن يُخَاصِم عَنْهم في الآخِرة إذَا أخَذَهم اللَّه بِعَذَابِه.
وقرأ أبيُّ بن كَعْب، وعَبْد الله بن مَسْعُود :" وجَادَلْتُم عَنْه " يعني : طعمة.
وقوله :﴿ فَمَن يُجَادِلُ الله عَنْهُمْ يَوْمَ القيامة ﴾ : استفهام تَوْبيخٍ وتَقْريعٍ، و" من " استِفْهَامِيَّة في محلِّ رفع بالابتداء، و" يُجَادِلُ " : خبره، وقوله :﴿ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ﴾ أم : مُنقَطِعَة وليست بعاطِفَةِ، وظاهر عِبَارَة مَكِّي : أنها عاطفة، فإنَّه قال : و" أمَّنْ يكُونُ " مثلها [ عطف عليها، أي : مثل " مَنْ " في قوله :" فَمَنْ يُجَادِلُ " وهو في محَلِّ نظرٍ ؛ لأن في المنقطعة خِلافاً، هل تُسمَّى عاطِفَة أم لا ]، والوكيل الكفيل الذي وُكِّلَ إليه الأمْرُ في الحفظ والحماية و" على " هنا بمعنى اللام أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٧ صـ ٩ ـ ١٠﴾.


الصفحة التالية
Icon