فصل
قال الفخر :
والمراد بالسوء القبيح الذي يسوء به غيره كما فعل طعمة من سرقة الدرع ومن رمي اليهودي بالسرقة والمراد بظلم النفس ما يختص به الإنسان كالحلف الكاذب، وإنما خص ما يتعدى إلى الغير باسم السوء لأن ذلك يكون في الأكثر إيصالاً للضرر إلى الغير، والضرر سوء حاضر، فأما الذنب الذي يخص الإنسان فذلك في الأكثر لا يكون ضرراً حاضراً لأن الإنسان لا يوصل الضرر إلى نفسه.
واعلم أن هذه الآية دالة على حكمين :
الأول : أن التوبة مقبولة عن جميع الذنوب سواء كانت كفراً أو قتلاً، عمداً أو غصباً للأموال لأن قوله ﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾ عم الكل الثاني : أن ظاهر الآية يقتضي أن مجرد الاستغفار كاف، وقال بعضهم : أنه مقيد بالتوبة لأنه لا ينفع الاستغفار مع الإصرار، وقوله ﴿يَجِدِ الله غَفُوراً رَّحِيماً﴾ معناه غفوراً رحيماً له، وحذف هذا القيد لدلالة الكلام عليه، فإنه لا معنى للترغيب في الاستغفار إلا إذا كان المراد ذلك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٣٠ ـ ٣١﴾
وقال القرطبى :
قال ابن عباس : عرض الله التوبة على بني أُبَيْرِق بهذه الآية، أي ﴿ وَمَن يَعْمَلْ سواءا ﴾ بأن يسرق ﴿ أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ﴾ بأن يشرك ﴿ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله ﴾ يعني بالتوبة، فإن الاستغفار باللسان من غير توبة لا ينفع، وقد بيّناه في "آل عمران" وقال الضحاك : نزلت الآية في شأن وحشي قاتِل حمزة أشرك بالله وقتل حمزة، ثم جاء إلى رسول الله ﷺ وقال : إني لنادِم فهل لي من توبة ؟ فنزل :﴿ وَمَن يَعْمَلْ سواءا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ﴾ الآية.
وقيل : المراد بهذه الآية العموم والشمول لجميع الخلق.