واعلم أن صاحب البهتان مذموم في الدنيا أشد الذم، ومعاقب في الآخرة أشد العقاب، فقوله ﴿فَقَدِ احتمل بهتانا﴾ إشارة إلى ما يلحقه من الذم العظيم في الدنيا، وقوله ﴿وَإِثْماً مُّبِيناً﴾ إشارة إلى ما يلحقه من العقاب العظيم في الآخرة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٣١﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَمَن يَكْسِبْ خطيئة أَوْ إِثْماً ﴾ قيل : هما بمعنى واحد كرر لاختلاف اللفظ تأكيداً.
وقال الطبري : إنما فرق بين الخطيئة والإثم أن الخطيئة تكون عن عمد وعن غير عمد، والإثم لا يكون إلا عن عمد.
وقيل : الخطيئة ما لم تتعمده ( خاصة ) كالقتل بالخطأ.
وقيل : الخطيئة الصغيرة، والإثم الكبيرة، وهذه الآية لفظها عام يندرج تحته أهل النازلة وغيرهم.
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً ﴾ قد تقدّم اسم البريء في البقرة.
والهاء في "به" للإثم أو للخطيئة.
لأن معناها الإثم، أولهما جميعاً.
وقيل : ترجع إلى الكسب.
﴿ فَقَدِ احتمل بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾ تشبيه ؛ إذ الذنوب ثِقل ووِزر فهي كالمحمولات.
وقد قال تعالى :﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ﴾ [ العنكبوت : ١٣ ].
والبُهتان من البَهْت، وهو أن تستقبل أخاك بأن تقذفه بذنب وهو منه بريء.
وروى مسلم عن أبي هريرة أن النبيّ ﷺ قال :" "أتدرون ما الغِيبة" ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ؛ قال :"ذِكْرُك أخاك بما يكره".
قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال :"إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته" " وهذا نَصٌّ ؛ فرمي البريء بهت له.
يقال : بَهتَه بَهْتاً وبَهَتاً وبُهْتَاناً إذا قال عليه ما لم يفعله.
وهو بَهّات والمقول له مَبْهُوت.
ويقال : بهِت الرجل ( بالكسر ) إذا دُهِش وتحيّر.


الصفحة التالية
Icon