فائدة
قال الفخر :
قال أبو علي الفارسي : قوله ﴿أَرَاكَ الله﴾ إما أن يكون منقولاً بالهمزة من رأيت التي يراد بها رؤية البصر، أو من رأيت التي تتعدى إلى المفعولين، أو من رأيت التي يراد بها الاعتقاد، والأول باطل لأن الحكم في الحادثة لا يرى بالبصر، والثاني أيضاً باطل لأنه يلزم أن يتعدى إلى ثلاثة لا إلى المفعولين بسبب التعدية، ومعلوم أن هذا اللفظ لم يتعد إلا إلى مفعولين أحدهما : الكاف التي هي للخطاب، والآخر المفعول المقدر، وتقديره : بما أراكه الله، ولما بطل القسمان بقي الثالث، وهو أن يكون المراد منه رأيت بمعنى الاعتقاد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٢٧﴾
فائدة
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ بِمَآ أَرَاكَ الله ﴾ معناه على قوانين الشرع ؛ إمّا بوَحْيٍ ونَص، أو بنظر جارٍ على سنن الوَحي.
وهذا أصل في القياس ؛ وهو يدل على أن النبي ﷺ إذا رأى شيئاً أصاب ؛ لأن الله تعالى أراه ذلك، وقد ضمن الله تعالى لأنبيائه العِصْمَة ؛ فأما أحدنا إذا رأى شيئاً يظنه فلا قطع فيما رآه، ولم يُرد رؤية العين هنا ؛ لأن الحكم لا يرى بالعين.
وفي الكلام إضمار، أي بما أراكه الله، وفيه إضمار آخر.
وأمض الأحكام على ما عرفناك من غير اغترار باستدلالهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣٧٦ ـ ٣٧٧﴾.
فصل
قال الفخر :
اعلم أنه ثبت بما قدمنا أن قوله ﴿بِمَا أَرَاكَ الله﴾ معناه بما أعلمك الله، وسمي ذلك العلم بالرؤية لأن العلم اليقيني المبرأ عن جهات الريب يكون جارياً مجرى الرؤية في القوة والظهور، وكان عمر يقول : لا يقولن أحد قضيت بما أراني الله تعالى، فإن الله تعالى لم يجعل ذلك إلا لنبيّه، وأما الواحد منا فرأيه يكون ظناً ولا يكون علماً.
إذا عرفت هذا فنقول :
قال المحققون : هذه الآية تدل على أنه عليه الصلاة والسلام ما كان يحكم إلا بالوحي والنص.
وإذا عرفت هذا فنقول : تفرع عليه مسألتان :