قوله تعالى ؛ ﴿ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ ﴾ أي تتألمون مما أصابكم من الجراح فهم يتألمون أيضاً مما يصيبهم، ولكم مَزِيّة وهي أنكم ترجون ثواب الله وهم لا يرجونه ؛ وذلك أن من لا يؤمن بالله لا يرجو من الله شيئاً.
ونظير هذه الآية ﴿ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القوم قَرْحٌ مِّثْلُهُ ﴾ [ الأنعام ؛ ١٤٠ ] وقد تقدّم.
وقرأ عبد الرحمن الأعرج "أن تكونوا" بفتح الهمزة، أي لأن وقرأ منصور ابن المعتمر "إن تكونوا تئْلَمُون" بكسر التاء.
ولا يجوز عند البصريين كسر التاء لثقل الكسر فيها.
ثم قيل : الرجاء هنا بمعنى الخوف ؛ لأن من رجا شيئاً فهو غير قاطع بحصوله فلا يخلو من خوف فوت ما يرجو.
وقال الفرّاء والزجاج : لا يُطلق الرجاء بمعنى الخوف إلا مع النفي ؛ كقوله تعالى :﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ [ نوح : ١٣ ] أي لا تخافون لله عَظَمةً.
قوله تعالى :﴿ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ الله ﴾ [ الجاثية : ١٤ ] أي لا يخافون.
قال القشيري : ولا يبعد ذكر الخوف من غير أن يكون في الكلام نفي، ولكنهما ادعيا أنه لم يوجد ذلك إلا مع النفي. والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣٧٤ ـ ٣٧٥﴾.