و ﴿ يختانون ﴾ بمعنى يَخونون، وهو افتعال دالّ على التكلّف والمحاولة لقصد المبالغة في الخيانة.
ومعنى خيانتهم أنفسهم أنّهم بارتكابهم ما يضرّ بهم كانوا بمنزلة من يخون غيره كقوله :﴿ عَلم الله أنّكم كنتم تختانون أنفسكم ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ].
ولك أن تجعل ﴿ أنفسهم ﴾ هنا بمعنى بني أنفسهم، أي بني قومهم، كقوله ﴿ تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم ﴾ [ البقرة : ٨٥ ]، وقولِه ﴿ فسلّموا على أنفسكم ﴾ [ النور : ٦١ ]، أي الذين يختانون ناساً من أهلهم وقومهم.
والعرب تقول : هو تميمي من أنفسهم، أي ليس بمولى ولا لصيق.
والمجادلة مفاعلة من الجدل، وهو القدرة على الخصام والحجّة فيه، وهي منازعة بالقول لإقناع الغير برأيك، ومنه سمّي علم قواعد المناظرة والاحتجاج في الفقه عِلْمَ الجدل، ( وكان يختلط بعلم أصول الفقه وعلم آداب البحث وعلم المنطق ).
ولم يسمع للجدل فعل مجرّد أصلي، والمسموع منه جَادل لأنّ الخصام يستدعي خصمين.
وأمّا قولهم : جَدَله فهو بمعنى غلبه في المجادلة، فليس فعلا أصلياً في الاشتقاق.
ومصدر المجادلة، الجدال، قال تعالى :﴿ ولا جدال في الحجّ ﴾ [ البقرة : ١٩٧ ].
وأمّا الجَدَل بفتحتين فهو اسم المصدر، وأصله مشتقّ من الجَدْل، وهو الصرع على الأرض، لأنّ الأرض تسمّى الجَدَالة بفتح الجيم يقال : جَدَله فهو مجدول. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢٤٨ ـ ٢٤٩﴾


الصفحة التالية
Icon