فصل
قال الفخر :
روي أن الشافعي رضي الله عنه سئل عن آية في كتاب الله تعالى تدل على أن الإجماع حجة، فقرأ القرآن ثلثمائة مرة حتى وجد هذه الآية، وتقرير الاستدلال أن اتباع غير سبيل المؤمنين حرام، فوجب أن يكون اتباع سبيل المؤمنين واجباً، بيان المقدمة الأولى أنه تعالى الحق الوعيد بمن يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين، ومشاقة الرسول وحدها موجبة لهذا الوعيد، فلو لم يكن اتباع غير سبيل المؤمنين موجباً له لكان ذلك ضماً لما لا أثر له في الوعيد إلى ما هو مستقل باقتضاء ذلك الوعيد وإنه غير جائز، فثبت أن اتباع غير سبيل المؤمنين حرام، وإذا ثبت هذا لزم أن يكون اتباع سبيلهم واجباً، وذلك لأن عدم اتباع سبيل المؤمنين يصدق عليه أنه اتباع لغير سبيل المؤمنين، فإذا كان اتباع غير سبيل المؤمنين حراماً لزم أن يكون عدم اتباع سبيل المؤمنين حراماً، وإذا كان عدم اتباعهم حراماً كان اتباعهم واجباً، لأنه لا خروج عن طرفي النقيض.
فإن قيل : لا نسلم أن عدم اتباع سبيل المؤمنين يصدق عليه أنه اتباع لغير سبيل المؤمنين، فإنه لا يمتنع أن لا يتبع لا سبيل المؤمنين ولا غير سبيل المؤمنين.