ونقل الخفاجي قصة استدلال الشافعيّ من هذه الآية عن الإمام المزني قال : كنت عند الشافعيّ يوماً، فجاءه شيخ عليه لباس صوف وبيده عصا، فلما رآه ذا مهابة استوى جالساً، وكان مستنداً لأسطوانة، فاستوى وسوى ثيابه، فقال له : ما الحجة في دين الله ؟ قال : كتابه قال : وماذا ؟ قال : سنة نبيه، قال وماذا ؟ قال : اتفاق الأمة، قال : من أين هذا الأخير ؟ أهو في كتاب الله ؟ فتدبر ساعة ساكتاً، فقال له الشيخ : أجّلتك ثلاثة أيام بلياليهن، فإن جئت بآية، وإلا فاعتزل الناس.
فمكث ثلاثة أيام لا يخرج وخرج في اليوم الثالث بين الظهر والعصر، وقد تغير لونه، فجاءه الشيخ وسلم عليه وجلس، وقال : حاجتي، فقال : نعم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله عز وجل :﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرّسُولَ ﴾ - إلى آخر الآية، لَمْ ُيصله جهنم، على خلاف المؤمنين، إلا واتباعهم فرض، قال : صدقت، وقام وذهب.
وروي عنه أنه قال : قرأت القرآن في يوم وفي كل ليلة ثلاث مرات، حتى ظفرت بها.
وأورد الراغب عليه، أنه لا حجة فيها على ما ذكره، بأن كل موصوف علق به، حكم فالأمر باتباعه يكون في مأخذ ذلك الوصف، فإذا قيل اقتد بالمصلي فالمراد في صلاته، فكذا سبيل المؤمنين، يعني به سبيلهم في الإيمان، لا غير، فلا دلالة في الآية على اتباعهم في غيره.


الصفحة التالية
Icon