و " أَن يضلُّوك " على حَذْف الباء، أي : بأن يُضِلُّوك، ففي مَحَلِّها الخِلافُ المَشْهُور، و" مِنْ " في " مِنْ شَيء " زائدةٌ، و" شَيْء " يراد به المَصْدرُ، أي : وما يَضُرُّونك ضَرَراً قليلاً، ولا كثيراً. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٧ صـ ١٣﴾.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (١١٣)﴾
الفضلُ إحسانٌ غيرُ مستحق، والإشارة ههنا - من الفضل - إلى عصمته إياه، فالحقُّ - سبحانه - عَصَمَه تخصيصاً له بتلك العصمة، وكما عصمه عن تَرْكِ حقه - سبحانه - عصمه بأن كفَّ عنه كيد خلقه فقال :﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ ﴾ الآية.
كلاَّ، لن يكونَ لأحدٍ سبيلُ إلى إضلالك فأنت في قبضة العزة، وما يُضِلُّونَ إلا أنفسهم، وما يضرونك بشيء، إذ المحفوظ منا محروس عن كل غير، وإنَّ الله سبحانه قد اختصك بإنزال الكتاب، واستخلصك بوجوه الاختصاص والإيجاب، وعلَّمك ما لم تكن تعلم، ولم يمن عليك بشيءٍ بمثل ما مَنَّ به على من خصَّه به من العلم. ويحتمل أنه أراد به علمه - ﷺ - بالله وبجلاله، وعلمه بعبودية نَفْسه، ومقدار حاله في استحقاق عِزِّه وجماله.
ويقال علَّمك ما لم تكن تعلم من آداب الخدمة إذ لم تكن ملتبساً عليك معرفة الحقيقة.
ويقال أغناك عن تعليم الأغيار حتى لا يكون لأحدٍ نور إلا مُقْتَبَساً مِنْ نورِك، ومَنْ لم يمشِ تحت رايتك لا يصل غلى جميع برِّنا، ولا يحظى بقربنا وَوصْلنا.
﴿ وَكَان فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ : في الآباد ؛ أنَّكَ كنت - لنا بشرف العز وكرم الربوبية في الآزال - معلوماً. ويقال وعلَّمك ما لم تكن تعلم من عُلُوِّ رُتْبَتِكَ على الكافة.
ويقال :﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ﴾ أنَّ أحَداً لا يُقَدِّرُ قَدْرَنا إلا بمقدار مُوافَقَتِه لأمْرِنا. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٣٦٢﴾


الصفحة التالية
Icon