وقال ابن عطية :
الضمير في ﴿ نجواهم ﴾ عائد على الناس أجمع، وجاءت هذه الآيات عامة التناول، وفي عمومها يتدرج أصحاب النازلة، وهذا عن الفصاحة والإيجاز المضمن الماضي والغابر في عبارة واحدة، والنجوى : المسارَّة، مصدر، وقد تسمى به الجماعة، كما يقال : قوم عدل ورضا، وتحتمل اللفظة في هذه الآية أن تكون الجماعة وأن تكون المصدر نفسه، فإن قدرناها الجماعة فالاستثناء متصل، كأنه قال : لا خير في كثير من جماعاتهم المنفردة المتسارة إلا من، وإن قدرنا اللفظة المصدر نفسه، كأنه قال : لا خير في كثير من تناجيهم، فالاستثناء منقطع بحكم اللفظ، ويقدر اتصاله على حذف مضاف، كأنه قال : إلا نجوى من، قال بعض المفسرين : النجوى كلام الجماعة المنفردة كان ذلك سراً أو جهراً.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله : انفراد الجماعة من الاستسرار، والغرض المقصود أن النجوى ليست بمقصورة على الهمس في الأذن ونحوه، و" المعروف " : لفظ يعم الصدقة والإصلاح، ولكن خُصَّا بالذكر اهتماماً بهما، إذ هما عظيماً الغناء في مصالح العباد. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ١١٢﴾
وقال أبو حيان :
﴿ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ﴾ الضمير في نجواهم عائد على قوم طعمة الذين تقدم ذكرهم قاله : ابن عباس وغيره.
وقال مقاتل : هم قوم من اليهود ناجوا قوم طعمة، واتفقا معهم على التلبيس على الرسول ﷺ في أمر طعمة.
وقال ابن عطية : هو عائد على الناس أجمع.
وجاءت هذه الآيات عامة فاندرج أصحاب النازلة وهم قوم طعمة في ذلك العموم، وهذا من باب الإيجاز والفصاحة، لكون الماضي والمغاير تشملهما عبارة واحدة انتهى.
وهذا الاستثناء منقطع إن كان النجوى مصدراً، ويمكن اتصاله على حذف مضاف أي : إلا نجوى من أمر، وقاله : أبو عبيدة.