فصل


قال الفخر :
هذه الآية وإن نزلت في مناجاة بعض قوم ذلك السارق مع بعض إلا أنها في المعنى عامة، والمراد : لا خير فيما يتناجى فيه الناس ويخوضون فيه من الحديث إلا ما كان من أعمال الخير، ثم إنه تعالى ذكر من أعمال الخير ثلاثة أنواع : الأمر بالصدقة، والأمر بالمعروف، والاصلاح بين الناس، وإنما ذكر الله هذه الأقسام الثلاثة، وذلك لأن عمل الخير إما أن يكون بإيصال المنفعة أو بدفع المضرة، أما إيصال الخير فاما أن يكون من الخيرات الجسمانية وهو إعطاء المال، وإليه الإشارة بقوله ﴿إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ﴾ وإما أن يكون من الخيرات الروحانية، وهو عبارة عن تكميل القوة النظرية بالعلوم، أو تكميل القوة العملية بالأفعال الحسنة، ومجموعها عبارة عن الأمر بالمعروف، وإليه الإشارة بقوله ﴿أَوْ مَعْرُوفٍ﴾ وأما إزالة الضرر فإليها الإشارة بقوله ﴿أَوْ إصلاح بَيْنَ الناس﴾ فثبت أن مجامع الخيرات مذكورة في هذه الآية، ومما يدل على صحة ما ذكرنا قوله عليه الصلاة والسلام :" كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله " وقيل لسفيان الثوري : ما أشد هذا الحديث! فقال سفيان : ألم تسمع الله يقول ﴿لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ﴾ فهو هذا بعينه، أما مسعت الله يقول ﴿والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ﴾ [ العصر : ١، ٢ ] فهو هذا بعينه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٣٣ ـ ٣٤﴾
قوله تعالى ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذلك ابتغاء مَرْضَاتَ الله فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾

فصل


قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon