﴿ وقال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً ﴾ أي نصيباً واجباً اقتطعته لنفسي من قولهم : فرض له في العطاء، وفرض الجند رزقهم.
والمعنى : لأستخلصنهم لغوايتي، ولأخصنهم بإضلالي، وهم الكفرة والعصاة.
قال ابن عطية : المفروض هنا معناه المنحاز، وهو مأخوذ من الفرض، وهو الحز في العود وغيره، ويحتمل أن يريد واجباً أن اتخذه، وبعث النار هو نصيب إبليس.
قال الحسن : من كل ألف تسعمائة وتسعون قالوا : ولفظ نصيب يتناول القليل فقط.
والنص إنّ أتباع إبليس هم الكثير بدليل :﴿ لأحتنكن ذريته إلا قليلاً ﴾ ﴿ فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين ﴾ وهذا متعارض.
وأجيب أن التفاوت إنما يحصل في نوع البشر، أما إذا ضممت أنواع الملائكة مع كثرتهم إلى المؤمنين كانت الكثرة للمؤمنين.
وأيضاً فالمؤمنون وإن كانوا قليلين في العدد، نصيبهم عظيم عند الله تعالى.
والكفار والفساق وإن كانوا كثيرين فهم كالعدم.
انتهى تلخيص ما أحب به.
والذي أقول : إنّ لفظ نصيب لا يدل على القليل والكثير، بدليل قوله :﴿ للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ﴾ الآية. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٣٦٨﴾
وقال ابن عاشور :
وجملة ﴿ لعنه الله ﴾ صفة لشيطان، أي أبعده ؛ وتحتمل الدعاء عليه، لكن المقام ينبو عن الاعتراض بالدعاء في مثل هذا السياق.
وعطف ﴿ وقال لأتخذن ﴾ عليه يزيد احتمال الدعاء بُعداً.
وسياق هذه الآية كسياق أختها في قوله :﴿ فاخرج إنّك من الصاغرين قال أنظرني إلى يوم يُبعثون قال إنّك من المنظرين قال فبما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ﴾ [ الأعراف : ١٣ ١٦ ] الآية فكلّها أخبار.