وروى الترمذيّ عن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه " أنها لما نزلت قال له النبي ﷺ :"أمّا أنت يا أبا بكر والمؤمنون فتجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله وليس لكم ذنوب وأما الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة" " قال : حديث غريب : وفي إسناده مقال، وموسى بن عُبَيْدة يضعَّف في الحديث، ضعَّفه يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل.
ومولى بن سباع مجهول، وقد روي هذا من غير وجه عن أبي بكر وليس له إسناد صحيح أيضاً ؛ وفي الباب عن عائشة.
قلت : خرّجه إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدّثنا سليمان ابن حرب قال حدّثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أُمّه أنها سألت عائشة عن هذه الآية ﴿ وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ ﴾ [ البقرة : ٢٨٤ ] " وعن هذه الآية ﴿ مَن يَعْمَلْ سواءا يُجْزَ بِهِ ﴾ فقالت عائشة : ما سألني أحد منذ سألت رسول الله ﷺ عنها ؛ فقال :"يا عائشة، هذه مبايعة الله بما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقِدها فيفزع فيجدها في عَيْبَته، حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر من الكير" "
واسم "ليس" مضمر فيها في جميع هذه الأقوال ؛ والتقدير : ليس الكائن من أُموركم ما تتمنونه، بل من يعمل سوءاً يجز به.
وقيل : المعنى ليس ثواب الله بأمانيكم ؛ إذ قد تقدّم ﴿ والذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣٩٦ ـ ٣٩٨﴾.

فصل


قال الفخر :
قالت المعتزلة : هذه الآية دالة على أنه تعالى لا يعفو عن شيء من السيئات، وليس لقائل أن يقول : هذا يشكل بالصغائر فإنها مغفورة قالوا : الجواب عنه من وجهين : الأول : أن العام بعد التخصيص حجة، والثاني : أن صاحب الصغيرة قد انحبط من ثواب طاعته بمقدار عقاب تلك المعصية، فههنا قد وصل جزاء تلك المعصية إليه.


الصفحة التالية
Icon