فالأصل الأول : المضل هو الشيطان، وليس المضل هو الله تعالى قالوا : وإنما قلنا : أن الآية تدل على أن المضل هو الشيطان لأن الشيطان ادعى ذلك والله تعالى ما كذبه فيه، ونظيره قوله ﴿لأَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ وقوله ﴿لاحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً﴾ وقوله ﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم﴾ [ الأعراف : ١٦ ] وأيضاً أنه تعالى ذكر وصفه بكونه مضلاً للناس في معرض الذم له، وذلك يمنع من كون الإله موصوفاً بذلك.
والأصل الثاني : وهو أن أهل السنة يقولون : الإضلال عبارة عن خلق الكفر والضلال وقلنا : ليس الإضلال عبارة عن خلق الكفر والضلال بدليل أن إبليس وصف نفسه بأنه مضل مع أنه بالإجماع لا يقدر على خلق الضلال.
والجواب : أن هذاكلام إبليس فلا يكون حجة، وأيضاً أن كلام إبليس في هذه المسألة مضطرب جداً، فتارة يميل إلى القدر المحض، وهو قوله ﴿لأَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ وأخرى إلى الجبر المحض وهو قوله ﴿رَبّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى﴾ [ القصص : ٣٩ ] وتارة يظهر التردد فيه حيث قال :﴿رَبَّنَا هَؤُلاء الذين أَغْوَيْنَا أغويناهم كَمَا غَوَيْنَا﴾ [ القصص : ٦٣ ] يعني أن قول هؤلاء الكفار : نحن أغوينا فمن الذي أغوانا عن الدين ؟ ولا بدّ من انتهاء الكل بالآخرة إلى الله.
وثالثها : قوله ﴿وَلأَمَنّيَنَّهُمْ﴾


الصفحة التالية
Icon