وقال النووي :"لا يجوز خصاء حيوان لا يؤكل في صغره ولا في كبره ويجوز إخصاء المأكول في صغره لأن فيه غرضاً وهو طيب لحمه، ولا يجوز في كبره"، والخصاء في بني آدم محظور عند عامة السلف والخلف، وعند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه يكره شراء الخصيان واستخدامهم وإمساكهم لأن الرغبة فيهم تدعو إلى إخصائهم، وخص من تغيير خلق الله تعالى الختان والوشم لحاجة وخضب اللحية وقص ما زاد منها على السنة ونحو ذلك، وعن قتادة أنه قرأ الآية ثم قال : ما بال أقوام جهلة يغيرون صبغة الله تعالى ولونه سبحانه، ولا يكاد يسلم له إن أراد ما يعم الخضاب المسنون كالخضاب بالحناء بل وبالكتم أيضاً لإرهاب العدو، وقد صح عن جمع من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنهم فعلوا ذلك منهم أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وحديث النهي محمول على غير ذلك ﴿ وَمَن يَتَّخِذِ الشيطان وَلِيّاً مّن دُونِ الله ﴾ بإيثار ما يدعو إليه على ما أمر الله تعالى به ومجاوزته عن طاعة الله تعالى إلى طاعته، وقيد ﴿ مِن دُونِ الله ﴾ لبيان أن اتباعه ينافي متابعة أمر الله تعالى وليس احترازياً كما يتوهم، وأما ما قيل : من أنه ما من مخلوق لله تعالى إلا ولك فيه ولاية لو عرفتها، ولك في وجوده منفعة لو طلبتها، فلهذا قيدت الولاية بكونها من دون الله تعالى فناشىء من الغفلة عن تحقيق معنى الولاية فافهم ﴿ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً ﴾ أي ظاهراً وأيّ خسران أعظم من استبدال الجنة بالنار ؟ وأي صفقة أخسر من فوات رضا الرحمن برضا الشيطان ؟. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٤٩ ـ ١٥٠﴾
وقال ابن عاشور :
ومعنى ﴿ ولأضِلَّنَّهم ﴾ إضلالهم عن الحق.
ومعنى :﴿ ولأمنّينَّهم ﴾ لأعدنَّهم مواعيد كاذبة، ألقيها في نفوسهم، تجعلهم يتمنّون، أي يقدّرون غير الواقع واقعاً، أغراقاً، في الخيال، ليستعين بذلك على تهوين انتشار الضلالات بينهم.


الصفحة التالية
Icon