والخامس أمره إياهم الناشىء عنه تغيير خلق الله تعالى.
قال ابن عباس، وابراهيم، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وغيرهم.
أراد تغيير دين الله، ذهبوا في ذلك إلى الاحتجاج بقوله :﴿ فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ﴾ أي لدين الله.
والتبديل يقع موقعه التغيير، وإن كان التغيير أعم منه.
ولفظ لا تبديل لخلق الله خبر، ومعناه : النهي.
وقالت فرقة منهم الزجاج : هو جعل الكفار آلهة لهم ما خلق للاعتبار به من الشمس والنار والحجارة، وغير ذلك مما عبدوه.
وقال ابن مسعود، والحسن : هو الوشم وما جرى مجراه من التصنع للتحسين، فمن ذلك الحديث في :" لعن الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات المغيرات خلق الله ولعن الواصلة والمستوصلة " انتهى.
وقال ابن عباس أيضاً وأنس، وعكرمة، وأبو صالح، ومجاهد، وقتادة أيضاً : هو الخصاء، وهو في بني آدم محظور.
وكره أنس خصاء الغنم، وقد رخص جماعة فيه لمنفعة السمن في المأكول، ورخص عمر بن عبد العزيز في خصاء الخيل.
وقيل للحسن : إن عكرمة قال ؛ هو الخصاء قال : كذب عكرمة، هو دين الله تعالى.
وقيل : التخنث.
وقال الزمخشري : هو فقء عين الحامي وإعفاؤه عن الركوب انتهى.
وناسب هذا أنه ذكر أثر ذلك تبتيك آذان الأنعام، فناسب أن يكون التغيير هذا.
وقيل : تغيير خلق الله هو أنَّ كل ما يوجده الله لفضيلة فاستعان به في رذيلة فقد غير خلقه.
وقد دخل في عمومه ما جعله الله تعالى للإنسان من شهوة الجماع ليكون سبباً للتناسل على وجه مخصوص، فاستعان به في السفاح واللواط، فذلك تغيير خلق الله.
وكذلك المخنث إذا نتف لحيته، وتقنع تشبهاً بالنساء، والفتاة إذا ترجلت متشبهة بالفتيان.
وكل ما حلله الله فحرموه، أو حرمه تعالى فحللوه.
وعلى ذلك :﴿ قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاًً ﴾ وإلى هذه الجملة أشار المفسرون، ولهذا قالوا : هو تغيير أحكام الله.