وأما خصاء البهائم فرخص فيه جماعة من أهل العلم إذا قصدت به المنفعة إما لسمن أو غيره، وجمهور العلماء على أنه لا بأس أن يضحي بالخصي، واستحسنه بعضهم إذا كان اسمن من غيره، ورخص في خصاء الخيل عمر بن عبد العزيز، وخصى عروة بن الزبير بغلاً له، ورخص مالك في خصاء ذكور الغنم، وإنما جاز ذلك. لأنه لا يقصد به التقرب إلى غير الله، وإنما يقصد به تطييب لحم ما يؤكل وتقوية الذكر إذا انقطع أمله عن الأنثى، ومنهم من كره ذلك لقول النَّبي ﷺ :" إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون " قاله القرطبي، واختاره ابن المنذر قال : لأن ذلك ثابت عن ابن عمر وكان يقول : هو : نماء خلق الله، وكره ذلك عبد الملك بن مروان.
وقال الأوزاعي : كانوا يكرهون خصاء كل شيء له نسل.
وقال ابن المنذر وفيه حديثان :
أحدهما : عن ابن عمر أن النَّبي ﷺ " نهى عن خصاء الغنم والبقر والإبل والخيل ".
والآخر : حديث ابن عباس أن النَّبي ﷺ " نهى عن صبر الروح وخصاء البهائم " والذي في الموطأ من هذا الباب ما ذكره عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكره الإخصاء، ويقول فيه تمام الخلق.
قال أبو عمر يعني في ترك الإخصاء تمام الخلق، وروى نماء الخلق.
قال القرطبي : بعد أن ساق هذا الكلام الذي ذكرنا قلت :" أسند أبو محمد عبد الغني من حديث عمر بن إسماعيل عن نافع عن ابن عمر قال : كان رسول الله ﷺ يقول :" لا تخصوا ما ينمي خلق الله " رواه عن الدارقطني شيخه قال : حدثنا عباس بن محمد، حدثنا قراد، حدثنا أبو مالك النخعي عن عمر بن إسماعيل فذكره. قال الدارقطني : ورواه عبد الصمد بن النعمان عن أبي مالك " اه. من القرطبي بلفظه، وكذلك على القول بأن المراد بتغيير خلق الله الوشم، فهو يدل أيضاً على أن الوشم حرام.


الصفحة التالية
Icon