" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :" [ وَمَن يَعْمَلْ ] مِنَ الصالحات مِن ذَكَرٍ " " من " الأولَى : للتَّبعيضِ ؛ لأنَّ المكلَّف لا يطيق عَمَل كل الصَّالِحَات.
وقال الطَّبَرِي :" هي زائدةٌ عند قَوْم " وفيه ضعفٌ، لعدم الشَّرْطَيْن، و" مِنْ " الثانية للتبيين، وأجاز أبو البقاء أن تكُونَ حالاً، وفي صَاحِبها وجهان :
أحدهما : أنه الضَّميرُ المَرْفُوع بـ " يَعْمَل ".
والثاني : أنه الصَّالحات، أي : الصالحات كَائِنةً من ذكر أو أنثى، وقد تقدَّم إيضاح هذا في قوله :﴿ لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى ﴾ [ آل عمران : ١٩٥ ] والكلامُ على " أوْ " أيضاً، وقوله :" وَهُوَ مُؤْمِنٌ " جملة حَالِيّة من فَاعِل " يَعْمَل ".
[ قوله " يدخلون " ] قرأ أبو عَمْرو، وابن كَثير، وأبُو بَكْر عن عَاصِم :" يُدْخَلون " هُنَا، وفي مَرْيم، وأوَّل غَافِر بضم حَرْف المُضَارَعة، وفتح الخَاء مبنياً للمَفْعُول، وانفردَ ابنُ كَثِيرٍ وأبو بكْرٍ بثانية غَافِر، وأبو عمرو بالتي في فَاطِر، والبَاقُون : بفتحِ حَرْفِ المُضَارعة، وضمِّ الخَاءِ مبنياً للفاعِل، وذلك للتفنُّنِ في البلاغَةِ.
والأوّل أحْسن ؛ لأنَّهُ أفْخَم، ولِكَوْنه مُوافقاً لقوله :﴿ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾.
وأما القِرَاءة الثَّانية : فهي مُطَابِقَةٌ لقوله :﴿ ادخلوا الجنة أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ ﴾ [ الزخرف : ٧٠ ]، ولقوله ﴿ ادخلوها بِسَلامٍ ﴾ [ الحجر : ٤٦ ].
والنقير : النَّقْرَة في ظَهْر النَّوَاة، مِنْها تَنْبُت النَّخْلَة، والمَعْنَى : أنَّهم لا يُنْقَصُون قدر مَنْبَت النَّوَاة. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٧ صـ ٣٤ ـ ٣٦﴾. بتصرف يسير.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
قوله :﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ ﴾ الآية. مَنْ تَعَنَّي في خدمتنا لم يبق عن نَيْلِ نعمتنا، بل من أغنيناه في طلبنا أكرمناه بوجودنا، بل من جرَّعْنَاه كأسَ اشتياقنا أنلناه أُنْسَ لقائنا. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٣٦٦ ـ ٣٦٧﴾


الصفحة التالية
Icon