وعن الأبيات بأنها شذوذ يحفظ، ولا يقاس عليه، وصحح العلامة ابن القيم - رحمه الله - جواز العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، وجعل منه قوله تعالى :﴿ حَسْبُكَ الله وَمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين ﴾ [ الأنفال : ٦٤ ] فقال إن قوله :﴿ وَمَنْ ﴾ في محل جر عطفاً على الضمير المجرور في قوله :﴿ حَسْبُكَ ﴾ وتقرير المعنى عليه حسبك الله. أي : كافيك، وكافي من اتبعك من المؤمنين، وأجاز ابن القيم والقرطبي في قوله :﴿ وَمَنِ اتَّبَعَكَ ﴾ أن يكون منصوباً معطوفاً على المحل. لأن الكاف مخفوض في محل نصب ونظيره قول الشاعر :
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا... فحسبك والضحاك سيف مهند
بنصب الضحاك كما ذكرنا، وجعل بعض العلماء منه قوله تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ ﴾ [ الحجر : ٢٠ ] فقال : ومن عطف على ضمير الخطاب في قوله لكم وتقرير المعنى عليه، وجعلنا لكم ولمن لستم له برازقين فيها معايش، وكذلك إعراب وما يتلى بأنه مبتدأ خبره محذوف أو خبره في الكتاب، وإعرابه منصوباً على أنه مفعول لفعل محذوف تقديره، ويبين لكم ما يتلى، وإعرابه مجروراً على أنه قسم، كل ذلك غير ظاهر.
وقال بعض العلماء : إن المراد بقوله :﴿ وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب ﴾ [ النساء : ١٢٧ ] آيات المواريث. لأنهم كانوا لا يورثون النساء فاستفتوا رسول الله ﷺ في ذلك فأنزل الله آيات المواريث.
وعلى هذا القول فالمبين لقوله :﴿ وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب ﴾ هو قوله :﴿ يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ ﴾ [ النساء : ١١ ] الآيتين. وقوله في آخر السورة :﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِي الكلالة ﴾ [ النساء : ١٧٦ ] الآية. والظاهر أن قول أم المؤمنين أصح وأظهر.


الصفحة التالية
Icon