فصل
قال أبو السعود :
﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات ﴾ أي بعضَها أو شيئاً منها فإن كلَّ أحدٍ لا يتمكن من كلها وليس مكلَّفاً بها ﴿ مّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى ﴾ في موضع الحالِ من المستكنّ في ﴿ يَعْمَلُ ﴾ ومن للبيان أو من الصالحات فمن للابتداء أي كائنةً من ذكر الخ، ﴿ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ حالٌ، شرَط اقترانَ العملِ بها في استدعاء الثوابِ المذكورِ تنبيهاً على أنه لا اعتدادَ به دونه ﴿ فَأُوْلَئِكَ ﴾ إشارةٌ إلى ﴿ مِنْ ﴾ بعنوان اتصافِه بالإيمان والعملِ الصالحِ، والجمعُ باعتبار معناها كما أن الإفراد فيما سبق باعتبار لفظِها وما فيه من معنى البُعد لما مر غيرَ مرةٍ من الإشعار بعلوّ رُتبةِ المُشار إليه وبُعد منزلتِه في الشرف ﴿ يَدْخُلُونَ الجنة ﴾ وقرىء يُدخَلون مبنياً للمفعول من الإدخال ﴿ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾ أي لا يُنقصون شيئاً حقيراً من ثواب أعمالِهم فإن النقيرَ عَلَم في القلة والحَقارةِ وإذا لم يُنقص ثوابُ المطيعِ فلأَنْ لا يزادَ عقابُ العاصي أولى وأحرى، كيف لا والمجازي ( هو ) أرحمُ الراحمين، وهو السرُّ في الاقتصار على ذكره عَقيبَ الثواب. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ٢٣٦﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ﴾ الأعمال ﴿ الصالحات ﴾ أي بعضها أو شيئاً منها لأن أحداً لا يمكنه عمل كل الصالحات وكم من مكلف لا حج عليه ولا زكاة ولا جهاد، فمن تبعيضية، وقيل : هي زائدة.
واختاره الطبرسي وهو ضعيف، وتخصيص الصالحات بالفرائض كما روي عن ابن عباس خلاف الظاهر، وقوله سبحانه :﴿ مّنْكُمْ مّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى ﴾ في موضع الحال من ضمير ﴿ يَعْمَلُ ﴾ و﴿ مِنْ ﴾ بيانية.