فائدة
قال الفخر :
إنما قال ﴿مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض﴾ ولم يقل ( من ) لأنه ذهب مذهب الجنس، والذي يعقل إذا ذكر وأريد به الجنيس ذكر بما. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٤٨﴾

فصل


قال الفخر :
قوله :﴿وَكَانَ الله بِكُلّ شَىْء محيطاً﴾ فيه وجهان :
أحدهما : المراد منه الإحاطة في العلم.
والثاني : المراد منه الإحاطة بالقدرة، كما في قوله لعالى ﴿وأخرى لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا﴾ [ الفتح : ٢١ ] قال القائلون بهذا القول : وليس لقائل أن يقول لما دل قوله ﴿وَللَّهِ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض﴾ على كمال القدرة، فلو حملنا قوله ﴿وَكَانَ الله بِكُلّ شَىْء مُّحِيطاً﴾ على كمال القدرة لزم التكرار، وذلك لأنا نقول : إن قوله ﴿للَّهِ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض﴾ لا يفيد ظاهره إلاّ كونه تعالى قادراً مالكاً لكل ما في السموات وما في الأرض، ولا يفيد كونه قادراً على ما يكون خارجاً عنهما ومغايراً لهما، فلما قال ﴿وَكَانَ الله بِكُلّ شَىْء مُّحِيطاً﴾ دل على كونه قادراً على ما لا نهاية له من المقدورات خارجاً عن هذه السموات والأرض، على أن سلسلة القضاء والقدر في جميع الكائنات والممكنات إنما تنقطع بإيجاده وتكوينه وإبداعه، فهذا تقرير هذا القول، إلاّ أن القول الأول أحسن لما بينا أن الإلهية والوفاء بالوعد إنما يحصل ويكمل بمجموع القدرة والعلم، فلا بدّ من ذكرهما معاً، وإنما قدم ذكر القدرة على ذكر العلم لما ثبت في علم الأصول أن العلم بالله هو العلم بكونه قادراً، ثم بعد العلم بكونه قادراً يعلم كونه عالماً لما أن الفعل بحدوثه يدل على القدرة، وبما فيه من الأحكام والإتقان يدل على العلم، ولا شك أن الأول مقدم على الثاني. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٤٩﴾


الصفحة التالية
Icon