فَإِنَّ الْأَدْيَانَ مَا شُرِعَتْ لِلتَّفَاخُرِ وَالتَّبَاهِي، وَلَا تَحْصُلُ فَائِدَتُهَا بِمُجَرَّدِ الِانْتِمَاءِ إِلَيْهَا وَالتَّمَدُّحِ بِهَا بِلَوْكِ الْأَلْسِنَةِ وَالتَّشَدُّقِ فِي الْكَلَامِ، بَلْ شُرِعَتْ لِلْعَمَلِ، قَالَ : وَالْآيَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِمَا قَبْلَهَا سَوَاءٌ صَحَّ مَا رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَمْ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ فِي الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَمَانِيُّ الَّتِي كَانَ يَتَمَنَّاهَا أَهْلُ الْكِتَابِ غُرُورًا بِدِينِهِمْ، إِذْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ شَعْبُ اللهِ الْخَاصُّ، وَيَقُولُونَ إِنَّهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَأَنَّهُ لَنْ تَمَسَّهُمُ النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً، وَأَنَّهُ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقُولُونَ وَيَدَّعُونَ ; وَإِنَّمَا سَرَى هَذَا الْغُرُورُ إِلَى أَهْلِ الْأَدْيَانِ مِنِ اتِّكَالِهِمْ عَلَى الشَّفَاعَاتِ، وَزَعْمِهِمْ أَنَّ فَضْلَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْبِشْرِ بِمَنْ بُعِثَ فِيهِمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لِذَاتِهِمْ، فَهُمْ بِكَرَامَتِهِمْ